السؤال
أنا غيرت اسمي واسم أبي لظروف لا أكثر، ولأني كانت عندي إقامة في دولة أوروبية باسمي الحقيقي، ولكن الوضع لم يعجبني، واتصلت بصديق بفرنسا، فنصحني بالقدوم لفرنسا لكن يجب علي أن أغير في الأسماء؛ لأنها سوف تكون السبب في رجوعي لتك الدولة وهي إيطاليا، فعملت بنصيحته والحمد لله تحصلت علي الإقامة. هل ما فعلته حرام؟ وما هي النظرة الشرعية في هذا الموضوع؟ علما بأني والله لم أقصد أن أتنكر من أصلي أو ألغي وجود أبي كأب رحمة الله عليه، فقط لكي أتحصل على الإقامة. فأفتوني وأريحوني أراحكم الله في الدنيا والآخرة، وبارك الله فيكم، وجزاكم الله ألف خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيباح التغيير للاسم الشخصي أحيانا، وذلك كتغيير الاسم إلى مثله كتغيير عبد الرحمن إلى عبد الله ونحو ذلك، طلبا لاسم حسن أو أحسن , وقد مضى بيان ذلك في الفتوى: 20275.
فإذا اضطر المرء لتغيير اسمه، أو عرضت له حاجة تستدعي ذلك فهو جائز، ما لم يؤد ذلك إلى محظور شرعي، كالانتساب إلى أب آخر، فيدخل في الوعيد المذكور في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام. رواه البخاري، وروى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه .
وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفر. وقد روى أيضا من حديث علي رضي الله عنه وفيه: ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا.
فبان من النصوص أنه لا يجوز أن ينتقل من اسم أبيه أو عائلته إلى اسم آخر؛ لأن في الانتقال انتسابا إلى غير الأب الحقيقي. اللهم إلا أن يكون المنتقل إليه اسم جد آخر للعائلة.
ومن المحظور أيضا تزوير الأوراق الثبوتية لما فيه من الكذب والغش، وقد قال الله تعالى : فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور . {الحج: 30}.
وفي الحديث الذي رواه البخاري عن أنس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكبائر قال : الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور. وفي الحديث الذي رواه مسلم : من غش فليس مني .
ويستثني من هذا أن يكون القصد بهذه الأوراق هو التوصل إلى حق مشروع، ولكن صاحبه قد سدت في وجهه السبل الموصلة إلى حقه بدون هذه الأوراق، وهو واقع في ضرورة ملجئة، أو حاجة في معناها أو تقاربها، إن لم يصل إلى حقه هذا، فالظاهر أنه يجوز له تزوير الأوراق؛ لقوله تعالى : وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه {الأنعام : 119}. ويشرط إضافة إلى ما سبق أن يكون قادرا على إقامة شعائر دينه في هذه البلاد. وراجع الفتويين التاليتين: 24687, 13172 .
وأما إذا أراد التوصل إلى ما لا حق له فيه، وإنما يتحايل لاستحقاقه بهذه الأوراق المزورة، فهذا لا شك في عدم جوازه .
فإن اشتبه عليه تشخيص حالته هل هي واصلة إلى مرحلة الضرورة والحاجة أم لا ؟ فالأفضل هو الابتعاد عن الشبهات، لما في في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ... . الحديث وهو في الصحيحين .
ولمعرفة حكم السفر إلى بلاد الكفار والإقامة فيها راجع الفتاوى التالية أرقامها: 1818 , 2007 , 51334 .
والله أعلم.