السؤال
توفيت والدتي منذ عامين، وتركت لنا أموالا وشقة ومشغولاتها الذهبية، وأنا بنت وحيدة، ولي 3 إخوة ذكور، وكانت منذ صغري تقول، الذهب لك بعد موتي، وقالت هذا الكلام لخالتي قبل الوفاة، فقالت لها هذه الوصية حرام، ويجب التقسيم حسب الشرع. فقالت لها: بعد موتي يفعلون ما يفعلون. وبعد الوفاة قلت لإخوتي: إنها كانت دائما تقول الذهب لي، فقالوا: نحن مسامحون في حقنا؛ لأن العرف والتقاليد تقول الذهب للبنت، ولكني أحلم بوالدتي دائما، وأفسر الحلم على ابن سيرين فيقول التفسير: الميت يقتضيك دينا. فهل هذا معناه أنها تتعذب بسبب الوصية؟ أم عليها دين لأحد؟ مع العلم والدتي كانت صالحة، وتعتمر وتحج، ولا تفوت صلاة الفجر، وتلتزم بالزكاة والصدقات الخفية. وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الوصية للوارث بنت أو غيرها لا تجوز في الأصل؛ لما في الحديث : لا وصية لوارث . رواه الترمذي. ولا تنفذ الوصية إلا إذا أجازها باقي الورثة عن طيب نفس منهم، وكانوا بالغين رشداء، فيجوز العمل بها حينئذ؛ لما في رواية الدار قطني : لا وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة.
وبناء عليه، فإن كان إخوتك سامحوك في حقهم ونصيبهم من التركة عن طيب نفس منهم، وكانوا رشداء بالغين فلا حرج عليك في أخذ الذهب. ولا يعتبر سماح غير البالغ والرشيد إلا بعد البلوغ والرشد، ولا عبرة كذلك بمن سامح في حقه حياء أو اتباعا للعادات من غير طيب نفس؛ لما في الحديث : لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس . رواه أحمد.
وقال الناظم :
لا شك في تحريم ما لو لا الحيا لم يعط إذ هو غصب رويا
لأن وقع الذم في القلب أشد على ذوي الألباب من ضرب الجسد
وأما الرؤيا المذكورة فلا تمنع من أخذك لحقك، ولا يعتبر في تفسيرها كلام الكتب كما قدمنا في الفتوى رقم : 126445.
وإذا ثبت أن على الأم دينا فيجب قضاؤه عنها من أصل التركة؛ لأن الدين يقدم على الوصية وتوزيع التركة على الوارثين؛ لقوله تعالى : من بعد وصية يوصي بها أو دين {النساء:11}.
والله أعلم.