السؤال
قبل كل شيء أحمد لله حمدا كثيرا على ما حصل لي: ولد طفلي بعد إتمام أشهره التسعة وأيام معدودة، ولكنه توفي قبل سويعات من موعد ولادته، حيث كانت وفاته بسبب إهمال الأطباء، وبسبب الصدمة، حيث إنه كان أول مولود ذكر بعد ابنتي العزيزتين، حيث أمرتهم بغسيل الطفل والصلاة عليه ودفنه في المقبرة، ولكن بعد اجتماع الأقارب قالوا لي إنه لا يجوز غسله والصلاة عليه، لأنه ولد ميتا، وبعدها قلت لهم أريد دفن ابني بنفسي ولكنهم نهوني عن ذلك وقلت لهم أن يدفنوه في المقبرة التي يوجد بها أعمامي فرد علي الجهلة بأنه سوف يتم دفنه بطرف المقبرة وبدون أي علامة تدل على وجود المتوفي، وأحداث هذه الوفاة بتاريخ: 23/3/2011 الصباح 8:30 بتوقيت السعودية وبعدها بيومين مرضت زوجتي بشكل كبير حيث انشغلت في مرضها وقد خرجت من المستشفى بتاريخ: 28/3/2011، والآن بعد إعادة النظر في الموضوع ومن خلال بحثي في الأنترنيت والمواقع الدينية وجدت أن كل ما حدث كان خطأ في خطأ، أرجو منكم أن تفيدوني هل أستطيع الصلاة عليه الآن؟ وهل أستطيع إخراجه من موقعه وأعيد دفنه في المقبرة وإن صعب علي ذلك حيث لا أعلم حتى الآن أين تم دفنه؟ وإذا وجدت موضع دفنه، فهل أحوله إلى قبر؟ أرجوكم أفيدوني أثابكم الله حيث إنني مقيم بباكستان ادعو لزوجتي بالسلامة وأن يرزقنا الله بالولد الصالح.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعظم الله أجركم في مصيبتكم وأحسن عزاءكم، ونبشركم بما جاء عن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة, وسموه بيت الحمد. رواه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
وعن معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده إن السقط ليجر أمه بسرره إلى الجنة إذا احتسبته. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
وقال النووي في المجموع: موت الواحد من الأولاد حجاب من النار، وكذا السقط.
وأما عن الصلاة: فإن الأحناف والمالكية والشافعية لا يقولون بوجوب الصلاة على السقط
الذي مات وهو في بطن أمه لحديث رواه الترمذي: إذا استهل السقط صلي عليه وورث.
ففي الحديث اشتراط الاستهلال في الصلاة عليه، كما قال الترمذي: وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا قالوا: لا يصلى على الطفل حتى يستهل، وهو قول سفيان الثوري والشافعي.
وقال مالك في المدونة: لا يصلى على المولود ولا يحنط ولا يسمى ولا يرث ولا يورث حتى يستهل صارخا بالصوت: يعني ينزل حيا. اهـ.
وذهب أحمد إلى أنه يصلى عليه بناء على حديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي: والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة. والحديث صححه الألباني.
ولأنه نسمة نفخ فيها الروح فيصلى عليه كالمستهل، وأجاب أحمد بأن الحديث الذي اشترط الاستهلال مضطرب ومعارض بما هو أقوى منه فلا يصلح للاحتجاج به، قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على أن الطفل إذا عرفت حياته واستهل يصلى عليه، أما إذا لم يستهل: قال الإمام أحمد ـ رحمه الله: إذا أتى له أربعة أشهر غسل وصلي عليه، وهذا قول سعيد بن المسيب، وابن سيرين، وإسحاق، وصلى ابن عمر على ابن لابنته ولد ميتا.
وبما أن الطفل المذكور دفن على وفق مذهب معتبر مستند على أدلة شرعية، فلا داعي للكلام في الأمر وانتقاد الناس ويمكنك أن تؤدى الصلاة عليه في قبره الآن، لما روى الترمذي عن سعيد بن المسيب: أن أم سعد ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم غائب، فلما قدم صلى عليها وقد مضى لذلك شهر.
وقال ابن قدامة في المغني: من فاتته الصلاة على الجنازة فله أن يصلي عليها ما لم تدفن، فإن دفنت فله أن يصلي على القبر إلى شهر، هذا قول أكثر أهل العلم. انتهى.
وإذا لم تعرف قبره فصل على المقبرة كلها كما في فتاوى اللجنة الدائمة: ليس هناك عمل آخر يجزئ عن صلاة الجنازة على الميت طفلا، أو كبيرا، لا الصدقة ولا غيرها من أفعال البر، وعليك أن تذهب إلى المقبرة التي دفتنه في قبر منها، وتجعل المقبرة بينك وبين القبلة وتصلي صلاة الجنازة على هذا الطفل متطهرا مستكملا لباقي شروط الصلاة، ويكفيك ذلك. انتهى.
والله أعلم.