الابتلاء عاقبته الثواب العظيم

0 406

السؤال

أود أن أطرح سؤالي: بات همي في الحياة أنني إنسانة تعيسة والشقاء كان رفيقي طوال حياتي ودائما ألجأ إلى الله، ولكن انتظرت كثيرا أن يستجيب ربي لي، ولكنه لا يستجيب زادت همومي وكثرت أحزاني وأنا أرى كل ما أتمناه عند الناس أتعذب كل يوم والله أريد أن أرتاح أخاف كثيرا أن أقنط من رحمة ربي، فعذاب الحياة صعب وعذاب الأخرة أصعب، فأرجوك ساعدني أريد أن أرتاح فلا أستطيع أن أصور لك همي ماذا أفعل؟ هل ربي يكرهني؟ أم هو امتحان؟ على كل لم أعد أتحمل أخاف أن أنهار وأرتكب حماقة ساعدوني أرجوكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل المولى تبارك وتعالى أن يزيل همك ويفرج كربك وأن يعينك في أمور دينك ودنياك، واعلمي أن الحياة الدنيا دار ابتلاء يبتلي فيها عباده بالخير والشر، قال الله تعالى: ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون {الأنبياء:35}.

ومن أفضل ما يمكن أن يواجه المسلم به مصاعب الحياة الصبر عليها، فعاقبة الصبر خير في الدنيا والآخرة، وراجعي فضائله في الفتوى رقم: 18103.

ولا يلزم من ابتلاء الله لعبده بغضه له، بل قد يكون الأمر على العكس من ذلك، وأنه إنما ابتلاه ليكفر عنه سيئاته ويرفع له في درجاته، روى الترمذي وابن ماجه عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن عظم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط.

وفي مسند أحمد وسنن الترمذي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة.

وللدعاء آداب وشروط ينبغي مراعاتها، وموانع لا بد من تجنبها حتى يستجاب الدعاء، ولمعرفة ذلك يمكنك مطالعة الفتويين رقم: 23599، ورقم: 120307، وقد بينا فيها أن من موانع إجابة الدعاء تعجل الإجابة، فتنبهي لذلك وكوني على حذر من القنوط من رحمة الله تعالى.

ثم إن إجابة الدعاء لا يلزم منها أن يأتي للإنسان نفس ما طلب، بل قد يستجاب له من جهة أخرى يعلم الله أنها أنفع للداعي فيدفع عنه من الضرر مثلها، أو يدخرها له في الآخرة، فإجابة الدعاء متيقنة، فاحملي هم دعائك ولا تحملي هم إجابته، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 21386.

ومصيبة المسلم وبلاؤه الحقيقي في دينه لا في دنياه، فالدنيا ببهارجها وزخارفها متاع زائل، وهي فانية كلها قال تعالى: قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى. {النساء:77}.

وقال سبحانه: بل تؤثرون الحياة الدنيا* والآخرة خير وأبقى {الأعلى:16-17}.

وهذا لا يعني أن لا يطلب المسلم خير الدنيا؛ إلا أن المبالغة والتغابن في المنافسة فيها من أسباب الهلاك، ثبت في الصحيحين من حديث عمرو بن عوف ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فوالله لا الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم.

وإذا تأملت حالك وجدت أنك في نعم لا تحصى ولا تعد، وأهمها نعمة الإسلام والإيمان التي لا تقدر بثمن، وفي نعم الدنيا تكون عندك منها ما حرمه بعض الناس ويود أحدهم لو يجدها ويدفع من أجلها الملايين من الدنانير، فاحرصي على القناعة ففيها الغنى، روى أحمد في مسنده عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يأخذ من أمتي خمس خصال فيعمل بهن، أو يعلمهن من يعمل بهن قال: قلت: أنا يا رسول الله، قال: فأخذ بيدي فعدهن فيها ثم قال: اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما، ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب.

وأما قولك: أرتكب حماقة ـ فكلام في غير محله، فهو لن يحل مشكلتك، وإنما يزيدها تعقيدا فتأملي ذلك جيدا وتعقليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات