السؤال
قرأت شيئا خطيرا جدا عن الإسلام، وهو أن البعض يعتبر الزوجة خادمة لزوجها، بل يصل الأمر بهم أن يعتبروها أسيرة أو مملوكة أو كالرقيق وهذا نص ما قرأت:
(وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المرأة عانية ، فقال : ( اتقوا الله في النساء ، فإنهن عوان عندكم) ، والعاني : الأسير ، ومرتبة الأسير خدمة من هو تحت يده ، ولا ريب أن النكاح نوع من أنواع الرق ، كما قال بعض السلف : النكاح رق ، فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته.) أرجو الإيضاح.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولا أنه لا يوجد دين كرم المرأة وصانها وحفظ لها حقوقها كما هو الحال في دين الإسلام، وتتجلى مظاهر هذا التكريم في أمور كثيرة سبقت الإشارة إلى بعضها في بعض الفتاوى نحيلك منها على الفتويين: 16441 ،5729.
والحديث المذكور هنا ينبغي أن يفهم في هذا السياق، وبتره عنه بمثابة من يفهم قوله تعالى: فويل للمصلين {الماعون:4} بمعزل عن قوله تعالى: الذين هم عن صلاتهم ساهون {الماعون:5}
بل إن هذا الحديث نفسه ورد في سياق الوصية بالنساء خيرا، ففي سنن الترمذي عن عمرو بن الأحوص عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا واستوصوا بالنساء خيرا، فإنما هن عوان عندكم.
فتبين بهذا أن معنى كونها أسيرة أو رقيقة ليس بالمعنى الذي قد يفهمه بعض الناس من إهانتها، ولا بالمعنى الحقيقي للأسيرة والرقيق، وإنما تأكيد للإيصاء بها خيرا لضعفها من جهة، ومن جهة أخرى بانتقالها لزوجها وطاعتها له في المعروف، وصارت مقدمة على طاعتها لأبويها، وانظر الفتوى رقم: 143181 والفتوى رقم: 18814، لمزيد الفائدة.
وقد سبق أن بينا أن خدمة الزوجة لزوجها ليست محل اتفاق بين العلماء، بل قد خالف في هذا كثير من أهل العلم فلم يوجبوها عليها. وإن كان الراجح هو وجوب خدمتها لزوجها بالمعروف كما ذكرناه بأدلته في الفتوى رقم: 13158.
وهذا لا يعني إهانة لها بحال، فإن كانت الزوجة خادمة لزوجها في داخل البيت بالقيام بتدبير أمره فهو أيضا خادم لها خارج البيت بالسعي في كسب الرزق ونحو ذلك. فالعلاقة بين الزوجين في الحياة الزوجية حياة شراكة لا حياة خادم ومخدوم أو أسير ومأسور .
والله أعلم.