السؤال
بفضل الله ربنا هداني أنا وأسرتي بعد أن كنا عصاة، ولكن مشكلتي أني تزوجت وتغربت، وربنا رزقني بطفل، فأصبحت أجمع فرضين، وأحيانا قبل الفرض الثاني أشعر أن حياتي كلها تقلبت، وكل ما أستغفر أرجع ثانية، فأصبحت الآن غير قادرة على الاستغفار، أشعر أن ربي لا يحبني، وأني لن أكون الأمة التي يرضي عنها، هذا الشق الأول.
أما الشق الثاني أن أنا أدرس في كلية دراسات إسلامية، ونفسي أكون على قدر المسؤولية، وأن أكون ممن يخدم الدين، ولكن دائما أتذكر كل ما فعلته قبل الالتزام من موسيقي ولبس وأفلام وعدم صلاة - أشعر أنني لن أستطيع خدمة الدين. فهذان الأمران دائما يعكران صفو حياتي، أشعر أني غير قادرة على أن أبدأ حياتي من جديد، ولا أقدر أن أكون مثل ما كنت قبل الزواج. لو سمحت يا ليت تعرفني كيف أعرف أن ربي يحبني وراض عني؟ وكيف أعرف أنه تاب علي؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما جمعك بين الصلاتين فإن كان لغير عذر فإنه لا يجوز، بل هو من الكبائر كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 117872 وما أحيل عليه فيها.. ولمعرفة الحالات المبيحة للجمع انظري الفتوى رقم: 6846.
وقد أجاز بعض العلماء للمرضع أن تجمع بين الصلاتين لمشقة تطهير الثياب. وانظري الفتوى رقم: 132441 فحيث كان لك عذر يبيح الجمع فلا حرج عليك في أن تجمعي بين الصلاتين، وأما إن لم يكن لك عذر يبيح الجمع فعليك أن تحرصي على أداء كل صلاة في وقتها، لقوله تعالى: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا {النساء:103}.
وإن جمعت بين الصلاتين جمعا صوريا بأن تصلي الأولى في آخر وقتها، والثانية في أول وقتها لم يكن عليك حرج في ذلك إن شاء الله.
وأما ما سبق منك من الذنوب فاعلمي أنه ليس حائلا بينك وبين الاستقامة وخدمة الدين، فإن العبد مهما عظم ذنبه إذا تاب لله تعالى قبل الله تعالى توبته وغفر سيئاته، قال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر:53}.
فأقبلي على ربك، واجتهدي في طاعته، ولا يضرك ما كان فيما مضى من الذنوب، فإن الله هو التواب الرحيم، ولا يزينن لك الشيطان الباطل من أنك لا تصلحين لهذا الشأن، فيصدك بذلك عن معالي الأمور، بل ابذلي وسعك في مرضات ربك تعالى، فإن الحسنات يذهبن السيئات، فإذا وفقك الله للتوبة، واستعملك في طاعته، وأقامك في ساحة عبوديته، وأعانك على فعل محابه ومراضيه - فهذه علامة خير إن شاء الله يرجى معها أن يكون الله تعالى قد تاب عليك، وأن تكوني ممن يحبهم الله تعالى.
قال العلامة الخادمي في كتابه المعروف باسم بريقة محمودية: إن كان العبد راضيا عن الله تعالى، فالله راض عنه، فلينظر منزلة الله منه (فإن الله تعالى ينزل العبد منه حيث أنزله العبد من نفسه)، فمنزلة الله عند العبد في قلبه على قدر معرفته إياه وعلمه به، وإجلاله وتعظيمه والخوف منه، وإقامة الحرمة لأمره ونهيه والوقوف عند أحكامه بقلب سليم ونفس مطمئنة، والتسليم له بدنا وروحا، وقلبا ومراقبة وتدبيره في أموره، ولزوم ذكره والنهوض بأثقال نعمه ومنه، وترك مشيئته لمشيئته، وحسن الظن به. والناس في ذلك درجات، وحظوظهم بقدر حظوظهم من هذه الأشياء، فأوفرهم حظا منها أعظمهم درجة عنده، وعكسه بعكسه. وعن ابن عطاء إذا أردت أن تعرف مقامك عنده، فانظر ما أقامك فيه، وعن بعض العارفين إذا أردت أن تعرف قدرك عنده فانظر فيما يقيمك متى رزقك الطاعة. انتهى.
والله أعلم.