السؤال
كنت أقوم بتأخير الصلاة، وكنت متهاونا فيها جدا حتى في بعض الأيام لا أصليها إلا قضاء بعد أسبوع أو شهر، ولكن من الله علي بالتوبة، وصرت محافظا على الصلاة في وقتها، وعندما أخبرت صديقي بأنني تبت قال لي توبتك غير صحيحة، لأنك لم تتب من جميع الذنوب، فهل هذا الكلام صحيح؟ أم التوبة تكون للعمل المراد التوبة منه فقط؟ فأنا تبت إلى الله من تهاوني في الصلاة، ولكنني قد أسمع الأغاني ونحو ذلك، فهل توبتي من تأخير الصلاة ونحوه صحيحة؟.
ثانيا: أحاول قدر المستطاع أن أصلي الصلاة في وقتها، لكن في بعض الأحيان أكون خارج البيت في أماكن لايوجد بها مساجد، وعمري تقريبا 16 سنة، فلا أعرف أن أحدد القبلة، فأنتظر حتى نمر بمسجد ثم ننزل ونصلي ـ وهذا داخل المدينة أي قد لا نتأخر إلا نصف ساعة، أو نحوها ـ وقبل يومين تقريبا أوقظتني أمي لصلاة الفجر بعد طلوع الشمس، فلما استيقظت للصلاة كنت في أشد التعب، لأنني نمت متأخرا فقلت في نفسي إن الشمس قد طلعت ـ أي قد انتهى وقت الصلاة، فلماذا لا أرجع لكي أنام وأصليها مع الظهر، وأنا أعتقد أن هذا من الشيطان، فاستلقيت فغلبني النوم لمدة ربع ساعة تقريبا، لكنني جاهدت نفسي بقدر استطاعتي وتوضأت وصليت الفجر والحمد لله، وبعد توبتي أصبحت محافظا على الصلاة في وقتها بقدر استطاعتي، فهل مثل هذه الأفعال التي تؤخرني عن الصلاة عن وقتها علي إثم بسبب تأخيري لها، أو أنني أكفر لقول الشيخ ابن باز من أخر الصلاة عن وقتها متعمدا فقد كفر كفرا أكبر مخرجا من الملة؟ وهل أفعالي هذه أعتبر فيها متعمدا؟ وماحكم تأخير الصلاة إلى آخر وقتها؟ وهل كل صلاة يمتد وقتها إلى الأخرى؟ أي هل يصح لي أن أصلي المغرب قبل العشاء ولو بعشر دقائق؟ وجزاكم الله كل خيرا. أرجو عدم إحالتي على سؤال آخر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
الحمد لله الذي من عليك بالتوبة من هذا الذنب العظيم، ثم اعلم أن التوبة واجبة عليك من جميع الذنوب، ولا يجوز لك تسويف التوبة، أو ترك التوبة من بعض الذنوب، وإن كانت توبتك من بعض الذنوب دون بعض توبة صحيحة مقبولة، فلا تأثم إلا على ما تقترفه من الذنوب التي لم تتب منها، فما أخبرك به صديقك هذا من أن توبتك لا تصح إلا أن تتوب من جميع الذنوب كلام غير صحيح، وراجع الفتويين رقم: 135220، ورقم: 116723.
وأما من فاتته الصلاة لعذر كنوم، أو نسيان حتى خرج وقتها فتجب عليه المبادرة بقضائها عند التمكن منه عند جمهور العلماء، ويأثم بتعمد التأخير، وعند بعض العلماء أن القضاء في هذه الحال واجب على التراخي لا على الفور، والقول الأول هو الأحوط، وانظر الفتوى رقم: 158977.
ولكن لا يكون إثمه إذا أخر القضاء كإثم من تعمد ترك الصلاة حتى يخرج وقتها بحال، وأما تأخير الصلاة في أثناء الوقت فجائز لا إثم فيه، وإنما الإثم على من تعمد إخراج الصلاة عن وقتها، وأما من فعل الصلاة في أي جزء من أجزاء الوقت ـ أوله، أو وسطه، أو آخره ـ فقد فعل ما يجب عليه، وانظر الفتوى رقم: 136972.
وعليه، فلا حرج عليك في تأخير الصلاة عن أول وقتها مع الحرص على أدائها في جماعة، إذ الجماعة واجبة على المكلفين من الرجال غير ذوي الأعذار على الراجح، فإذا خشيت خروج وقت الصلاة فصل على حسب حالك، وما عجزت عنه من الشروط أو الأركان فإنه يسقط عنك، وانظر الفتوى رقم: 132697.
وإذا لم تستطع تحديد جهة القبلة فاسأل من يخبرك عن جهتها، وذلك في الحضر لا يخفى، ولا يجوز لك أن تصلي إلى غير جهة القبلة مع القدرة على استقبالها ولو بالسؤال ـ كما ذكرنا ـ فإن لم تجد من يخبرك بجهة القبلة وخشيت خروج الوقت، فاجتهد في تحديد جهتها، وصل إلى حيث أداك اجتهادك، وتصح صلاتك ولا يلزمك إعادتها عند كثير من أهل العلم. وانظر الفتوى رقم: 152821.
ولا تخرج الصلاة عن وقتها عمدا، فإن إثم ذلك عظيم، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 130853.
والله أعلم.