السؤال
أطرح سؤالي مع أنني متيقنة من الجواب، لكن أريد أن أرتاح: أنا فتاة في الثانية والثلاثين من العمر، ومنذ سنتين ونصف حصلت على قبول طلب هجرتي إلى كندا، فتركت عملي وذهبت هروبا من مشاكل في البيت أثقلت كاهلي، وأضاقت الدنيا في عيني، وبعد مدة قصيرة جدا زال سبب ذهابي بطريقة لم أكن أتمناها، لكنه قضاء الله وقدره، فعدت مباشرة إلى بلدي رغم اعتراض العائلة التي ترى أنني أضيع فرصة العمر، والآن معظمهم ينصحونني بالعودة إلى كندا للحصول على الجنسية، وبعدها أفعل ما أشاء، وأنا حائرة في أمري، وإن كان قراري هو الأصح، فلماذا هذه التعاسة التي تفطر قلبي؟ ولماذا لا أحس بلذة الحياة إن كنت فعلا تركت شيئا لله؟ أرهقتني الدنيا، وكم أنا راغبة في الفوز بحب ربي، أرجو النصيحة والرشد، أعينوني، أعانكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فقد أحسنت بعودتك من تلك البلاد، فإن الإقامة في بلاد الكفر لا تخلو من مخاطر على المسلم في دينه ودنياه، ولا سيما الفتاة، فنسأل الله تعالى أن يثيبك على ذلك خيرا، وأن ييسر أمرك، ويفرج كربك، وأن يرزقك سعادة الدنيا والآخرة، وننصحك بعدم الالتفات إلى من يحثك على العودة إلى هنالك، وراجعي الفتوى رقم: 2007. ونوصيك بحسن الظن بالله تعالى والثقة فيه بأنه سيبدلك خيرا مما تركت، فقد قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب {الطلاق: 2ـ3}.
وثبت في مسند أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنك لن تدع شيئا ابتغاء الله إلا آتاك خيرا منه. والله سبحانه إذا وعد فإنه لن يخلف وعده، ولكن الإنسان يستعجل، ثم إن الله تعالى أعلم بما هو أصلح لعبده، فقد يدخر له شيئا من أجر الدنيا إلى الآخرة لعلمه بأن ذلك أنفع له، وانظري الفتوى رقم: 58095.
وههنا توجيه نبوي كريم لمن يبحث عن تفريج هموم دنياه، روى ابن ماجة عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: من جعل الهموم هما واحدا هم آخرته كفاه الله هم دنياه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك.
وعليك بالصبر فعاقبة الصبر إلى خير ـ بإذن الله ـ وراجعي في فضله الفتوى رقم: 18103.
ومن أسباب تحصيل سعادة الحياة مصاحبة النساء الخيرات، وحضور مجالس العلم والذكر ليزداد الإيمان وتحل بالقلب تقوى الرحمن.
والله أعلم.