السؤال
والدي كان فاسقا وسفيه،ا وكان يحب مغازلة النساء، وكان يشرب، والآن هو كبير في السن ويصلي ولله الحمد، ولكنه بحاجة إلى الرعاية، ولا يعترف بذلك ويسافر وحده إلى أماكن بعيدة ولمدة طويلة، ووالدتي كبيرة في السن ومن جنسية أخرى، وعاداتها مختلفة كثيرا عن عادات العرب، وهي السبب في ضياع إخوتي الثلاث، وإخوتي متزوجون من جنسيات أجنبية مختلفة وعاداتهم غريبة عن المجتمع، ولا يؤدون أركان الإسلام، ومنهم من لا يؤمن بالله عز وجل واليوم الآخر. وأنا ـ ولله الحمد ـ متزوج من عائلة طيبة ومحافظة من أهل الوالد وعلى دين وخلق، لأنني كنت أعيش بعيدا عن والدي أثناء الدراسة الجامعية وفي بيئة محافظة، ومشكلتي أنني لا يمكنني أن أسكن في بيت والدي لأكون قريبا من والدي ووالدتي وأعتني بهما وزوجتي ترفض الانتقال والسكن في بيت والدي، والسبب أن البيت مكان غير محترم، وإخوتي مع الأسف يكرهونني ويحقدون علي وأتأذى من معاملتهم وقسوتهم التي يمكن أن تصل في أحيان كثيرة إلى الاعتداء والضرب، ومع أنني لا أكلمهم ولا أنظر إليهم، ولكنني أريد أن أصل والدتي ووالدي بالمعروف، لذا أتصل بوالدتي ووالدي دوما لأسلم عليهما وأحاول أن أزورهما في أوقات مناسبة ولكنها قليلة جدا مع الأسف، ووالدتي تتهمني دوما أنني مقصر معها، فهل أنا قاطع للرحم؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحق الوالدين عظيم وبرهما واجب مهما كان حالهما، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 3459.
فالواجب عليك بر والديك والحرص على رعايتهما ـ ولا سيما وقد كبراـ فهما أحوج إلى الرعاية والخدمة، لكن لا يجب على زوجتك أن تطيعك في السكن في بيت أبيك، لأن للزوجة حقا في المسكن المستقل المناسب، فإذا رفضت زوجتك الإقامة معك في بيت أبيك لكونه مسكنا غير مستقل أو لكونه غير مناسب لسكناها، فيمكنك البحث عن مسكن قريب من بيت والديك بحيث تتمكن من زيارتهما ورعايتهما على الوجه المطلوب، واعلم أن خدمة والديك ورعايتهما واجبة على جميع أولادهم، وإذا لم يكن بإمكانك أن تسكن قريبا من والديك فعليك زيارتهما بالقدر الذي لا يضرك، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 133885
وأما إخوتك فالواجب عليك صلتهم وإن قطعوك، فعن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. صحيح البخاري.
لكن إذا كان عليك ضرر في صلتهم أو كنت تقطعهم زجرا لهم عن المنكرات فلا حرج عليك، وانظر الفتوى رقم: 14139
مع التنبيه على أن الشرع لم يحدد لصلة الرحم أسلوبا معينا أو قدرا محددا، وإنما المرجع في ذلك إلى العرف واختلاف الظروف، فتحصل الصلة بالزيارة والاتصال والمراسلة والسلام وكل ما يعده العرف صلة، ومن أعظم أنواع البر والصلة لوالديك وإخوتك دعوتهم إلى الله ونصحهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 3830.
والله أعلم.