الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت هذه القضية منظورة أمام المحكمة فالقول الفصل لديها، ولكننا نذكر لك بعض أقوال أهل العلم في بعض مسائلها. من ذلك حكم بيع أموال القاصرين، وحكم بيع الفضولي، وسكوت الشريك عن تصرف شريكه في الملك المشترك.
فبالنسبة للقاصر لا يتصرف في نصيبه بالبيع إلا أن تدعو إليه الضرورة لعدم وجود نفقة لديه، أو لأنه يربح بها وسيشترى له بدل منها.
فقد قال الشيرازي في المهذب: لا يبيع له العقار إلا في موضعين: أحدهما: أن تدعو إليه الضرورة بأن يفتقر إلى النفقة وليس له مال غيره ولم يجد من يقرضه. والثاني: أن يكون له في بيعه غبطة وهو أن يطلب منه بأكثر منه ثمنه فيباع له ويشتري ببعض الثمن مثله. انتهى.
وقال النووي في المنهاج: ولي الصبي أبوه ثم جده ثم وصيهما... ويتصرف الولي بالمصلحة.. ولا يبيع عقاره إلا لحاجة أو غبطة ظاهرة. انتهى.
فإذا كان ولي القصر راعى ما ذكرنا صح بيعه لعقار القصر.
وأما غير القصر فلا بد من تحقق رضاهم فمن شروط صحة البيع التراضي، كما قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم . {النساء:29}.
وأما عن بيع أحد الشركاء. فإن باع أحد الشركاء حصة شريكه من غير توكيل أو ولاية فهذا ما يعرف عند الفقهاء ببيع الفضولي، وهو محل اختلاف بين أهل العلم، حيث ذهب الحنفية والمالكية ورواية عن أحمد إلى القول بجوازه، لكن يتوقف نفاذه على إمضاء المالك، وذهب الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى عنه إلى أن البيع باطل.
قال البابرتي في كتابه العناية شرح الهداية: من باع ملك غيره بغير إذنه، فالمالك بالخيار إن شاء أجاز البيع وإن شاء فسخ، وهو مذهب مالك وأحمد في رواية، وقال الشافعي في الجديد وهو رواية عن أحمد: لم ينعقد، لأنه لم يصدر عن ولاية شرعية.
ومحل الخلاف في بيع الفضولي إذا كان المالك أهلا للتصرف وبيع ماله وهو غائب, أو كان حاضرا وبيع ماله وهو ساكت, فهل يصح بيع الفضولي أو لا يصح؟
هذا؛ وقد اختلف القائلون بجواز بيع الفضولي في إباحة القدوم عليه أو منعه.
حيث قال الحطاب في مواهب الجليل- نقلا عن القرافي في قواعده- ما نصه: على القول بصحة الفضولي هل يجوز الإقدام عليه؟ ففي التنبيهات ما يقتضي تحريمه لعده إياه مع ما يقتضي الفساد لأمر خارجي، وظاهر كلام صاحب الطراز الجواز لقوله هو تعاون على البر. انتهى.
وأما طلبك الموقعين بمدافعة القصر فإنه ينبغي النظر في مصلحة القصر أولا، فإن لم يكن وليهم رأى المصلحة في بيع عقارهم وأجاز البيع فلا ينعقد بيع حصتهم لأنهم هم ليسوا أهلا للإجازة وقت البيع، ولا يباع مالهم إلا لضرورة أو مصلحة كما قال النووي : ويتصرف الولي بالمصلحة.. ولا يبيع عقاره إلا لحاجة أو غبطة ظاهرة. انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن من شروط البيع : أن يكون المبيع مملوكا للبائع, أو له عليه ولاية أو وكالة تجيز تصرفه فيه, واتفقوا أيضا على صحة بيع الفضولي, إذا كان المالك حاضرا وأجاز البيع, لأن الفضولي حينئذ يكون كالوكيل . واتفقوا أيضا على عدم صحة بيع الفضولي إذا كان المالك غير أهل للإجازة , كما إذا كان صبيا وقت البيع . اهـ.
وتراجع الفتوى رقم 112416
والله أعلم.