السؤال
اشتريتُ منتجًا من الخارج للتجارة، وبعته، وبعد ذلك اشتريتُ كمية جديدة، لكن هذه المرة أرسلتُ صورًا للمنتج إلى الشركة المُصنِّعة، وكان ردّهم أنهم يعتقدون أن المنتج قد يكون مزيّفًا؛ لأن بيانات الملصق على المنتج لا تتطابق مع بيانات منتجاتهم، فتواصلتُ مع التاجر الذي زوّدني بالمنتج، وأخبرني أن الشحنة تأتي من المصنع الأصلي، وبعد التحقق من الأمر بدا أن المنتج أصلي، لكن الشركة المُصنِّعة لا تزال مُصمِّمة على أنه قد يكون مزيّفًا.
منذ أن علمتُ بهذه المعلومات، توقفتُ عن بيع تلك المنتجات، فما واجبي تجاه الأشخاص الذين اشتروا مني هذه المنتجات؟ علمًا أنني لم أكن أعلم باحتمال كونها مزيّفة وقت البيع، ولديّ كمية بسيطة متبقية من هذه المنتجات، وأود معرفة كيفية التصرف بها، فهل يجوز لي بيعها مع إخبار المشتري بحالة المنتج؟ وهل يجوز لي استخدامها؟
وبخصوص حق الشركة المُصنِّعة، ما الذي يجب عليّ فعله تجاهها؟ وهل هناك خطوات يلزمني اتخاذها أو أي تعويض للشركة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يترتب من حقوق انتهاك العلامات التجارية الأصلية، إنما يثبت في ذمّة من غشّ السلعة أولًا؛ فصَنَعها دون إذن من أصحابها.
وأما السلعة نفسها؛ فهي مال مباح مُتَقَوَّمٌ، فمن ملكها بطريقة مشروعة -كالشراء، أو الهبة، أو الإرث، أو غيرها-، ولم يغشها هو؛ فله الانتفاع بها، وبيعها مع بيان حالها، كما سبق وأشرنا إليه في الفتوى: 501196.
هذا إذا علم بالقطع أن المنتج مقلّد، فكيف والتاجر الذي زوّدك بالمنتج يزعم أن الشريحة تأتي من المصنع الأصلي، والسائل نفسه يقول: (وبعد التحقق من الأمر، بدا أن المنتج أصلي)!
كما أن الشركة الأصلية لم تجزم بالتقليد، والأصل هو براءة الذمّة؛ فلا تُشغَل إلا بأمر متحقّق، أو ظن غالب، قال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام: لو شكّ هل لزمه شيء من ذلك، أو لزمه دَين في ذمّته، أو عين في ذمّته... فلا يلزمه شيء من ذلك؛ لأن الأصل براءة ذمّته، فإن الله خلق عباده كلهم أبرياء الذمم والأجساد من حقوقه وحقوق العباد، إلى أن تتحقق أسباب وجوبها. اهـ.
وقال الجويني في غياث الأمم: كل ما أشكل وجوبه، فالأصل براءة الذمة فيه، كما سبق في حقوق الأشخاص المعينين، فهذا منتهى المقصود فيما يتعلق بالأملاك من المعاملات، والحقوق الخاصة والعامة. اهـ.
والله أعلم.