0 359

السؤال

يطلب مني بعض زملائي أن أحول لهم من حسابي البنكي أي أشتري لهم ما قيمته مائة درهم أو خمسون درهما من شركة الاتصالات وتأتي لهم هذه القيمة إلى تليفوناتهم بحيث يتكلمون، وفي إحدى المرات حولت لشخص عن طريق الخطأ مبلغ 1000 درهم بدلا من مائة درهم للاتصالات فحلفت داخل نفسي قائلا: علي الطلاق لن أحول مرة ثانية لأي شخص، فهل يحسب علي طلاق لو حولت لأي شخص مرة ثانية؟ ثم تخيلت عن هذا الذي حولت إليه المبلغ وقلت له: إني حلفت أن لا أحول مرة ثانية لأي شخص ـ ولكن هذه المرة بصوت فهل قولي إني حلفت أن لا أحول مرة ثانية لأي شخص يعتبر طلاقا جديدا أحنث فيه إذا اعتبرنا أن الأول لم يقع، لأنه كان داخل النفس؟ وهل يقتصر الحنث على الصورة التي حلفت فيها وهي التحويل من رقم حسابي البنكي إلى تليفون شخص آخر أو من تليفوني إلى تليفون شخص آخر حيث إنهما الطريقة التي كنت أحول بها للآخرين أو يتعدى ذلك إلى أمثلة أخرى حتى أتجنب ما يدخل في الحلف ولا أفعله؟ وأناشدكم ضرورة الإجابة على هذه الأسئلة، لأني في كرب لا يعلم مداه إلا الله عز وجل:
1ـ هل إذا أعطيت زوجتي أو أحدا من أقاربي مصاريف شهرية لهم واشتروا بطاقات اتصالات بدلا من التحويل البنكي أعتبر حانثا؟.
2ـ هل إذا تكلم أهلي أو أي شخص آخر من تليفوني أعتبر حانثا؟.
3ـ هل يدخل في ذلك تليفون المنزل الذي أدفع له فاتورة كل شهر أو كل ثلاثة أشهر إذا تكلم منه شخص غيري وأعتبر حانثا؟.
4ـ هل يدخل في الحنث اتصال زوجتي وأولادي عن طريق الأنترنت؟.
5ـ هل إذا أعطيت لشخص نقودا واشترى بطاقة لتليفونه أعتبر حانثا؟.
6ـ هل أدخل أنا في هذا الحظر فلو حولت لنفسي أعتبر حانثا؟.
7ـ هل إذا حول إلي شخص آخر أعتبر حانثا بحيث أكون أنا متلقي التحويل؟.
8ـ هل إذا ذهبت إلى بلدتي واشتريت بطاقة تليفونات لي أو لأي شخص آخر حيث لا يوجد في بلدتي نظام التحويل من البنك؟.
9ـ هل إذا اتصلت بأهلي على تليفونهم أعتبر حانثا؟.
أفيدوني بالتفصيل على كل نقطة من النقاط التسعة السابقة وكيفية المخرج من هذه الورطة وآسف على الإطالة وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كنت حلفت في نفسك دون أن تتلفظ باليمين أو تحرك به شفتيك فإنه لغو لا اعتبار له ولا أثر، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه. 

فحديث النفس عفو ولا ينبني عليه حكم، وقولك الثاني مجرد إخبار وليس إنشاء يمين وبالتالي، فإن كان ما صدر منك أولا هو مجرد الحديث النفسي فإخبارك بأنك حلفت خبر كاذب إلا إذا كنت نويت أنك حلفت في نفسك فلا تكون كاذبا حينئذ.

وعلى كل فإخبارك بأنك حلفت ليس يمينا، وأما على فرض أنك حركت شفتيك وتلفظت بعبارة علي الطلاق، فيعتبر يمينا لازما، والجمهور على لزوم الطلاق إن حصل الحنث بمخالفته، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ومن وافقه أن من حلف بالطلاق قاصدا منع نفسه أو حثها فلا يلزمه غير كفارة اليمين عند الحنث ولا يقع عليه الطلاق، وعلى كل فإنك لا تحنث بغير ما حلفت عليه ونويته من تحويل الرصيد من حسابك إلى غيرك ممن نويتهم.

وأما ما ذكرته من الاحتمالات في سؤالك وعددتها من 1 إلى 9 فإنك لا تحنث بها، لعدم تناول اليمين لها وعدم قصدك لها كما هو ظاهر جلي، ولو لم تكن لك نية عند الحلف فينظر إلى الحامل عليه وهو ما يسمى ببساط اليمين، جاء في الشرح الكبير للشيخ أحمد الدردير عند قول: ثم بساط يمينه ـ ثم إن عدمت النية أو لم تضبط، خصص اليمين وقيد بالبساط، وهو السبب الحامل على اليمين، إذ هو مظنة النية وليس هو انتقالا عنها، ومثلوا لذلك بمن أراد أن يشتري شيئا فوجد عليه الزحام، فحلف ألا يشتريه في ذلك اليوم، وبعد قليل خفت الزحمة أو وجده في مكان آخر لا زحام فيه فاشتراه، فإنه لا يحنث، لأن السبب الذي حمله على اليمين هو الزحام وقد زال.

وقال ابن عبد البر في الكافي: الأصل في هذا الباب مراعاة ما نوى الحالف، فإن لم تكن له نية نظر في بساط قصته وما أثاره على الحلف، ثم حكم عليه بالأغلب من ذلك في نفوس أهل وقته.

وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في إعلام الموقعين بعد أن ذكر أقوال العلماء ونقل نصوصهم الدالة على اعتبار البساط: والمقصود أن النية تؤثر في اليمين تخصيصا وتعميما، والسبب يقوم مقامها عند عدمها، ويدل عليها فيؤثر ما تؤثره، وهذا هو الذي يتعين الإفتاء به.

وبساط اليمين يجري في جميع الأيمان سواء كانت بالله تعالى، أو بطلاق، أو عتاق، وبناء على ما تقدم، فإن اليمين لا يقع إذا زال سبب الحلف به الذي هو الحامل عليه أصلا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة