السؤال
كتبت كتابي ولم أدخل على زوجتي بعد، وذات مرة كنت أكلم والدتي بالهاتف وأنا خارج المنزل، فأخبرتني أن زوجتي عندنا في البيت وأنها ـ أي: زوجتي ـ ستقوم بطبخ وجبة معينة لا أحبها ـ قالت والدتي هذه الجملة مازحة معي، وكأنها تريد أن ترى ردة فعلي ـ فأجبتها مازحا بقولي إن طبخت تلك الوجبة سأطلق، أو إن طبخت تلك الوجبة طالق ـ مع العلم أنني لم أنو الطلاق أبدا، وإنما قلت الجملة من باب المزاح مع والدتي، وأذكر تماما أن جملتي كانت جملة شرطية، ولكن لا أتذكر إن كان جواب الشرط عبارة عن وعد بالطلاق ـ سأطلق ـ أو طلاق صريح كقول طالق، وأنا حاليا قلق جدا والأفكار تزاحمني وتشغلني كل يوم لدرجة أنني أصل إلى الضيق، لا أعرف هل هذا يعتبر من الطلاق المشروط؟ أم الصريح؟ أم أنه شك يجب الخلاص منه؟ وهل وقع أم لا؟ وأكثر ما يضايقني بيني و بين نفسي أني لم أقصد الطلاق بعينه ولم أقصد التهديد أو اليمين، بل كل ما قلته هو من باب المزح والمداعبة.
أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء، وأسكنكم جنات النعيم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن من تلفظ بالطلاق وقع طلاقه جادا كان أم هازلا، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة. رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
ونقل صاحب عون المعبود في شرح سنن أبي داود عن الخطابي قوله: اتفق عامة أهل العلم على أن صريح لفظ الطلاق إذا جرى على لسان الإنسان العاقل البالغ فإنه يؤاخذ به، ولا ينفعه أن يقول: كنت لاعبا أو هازلا، أولم أنوه طلاقا، أو ما شابه ذلك من الأمور. اهـ.
وقول الزوج: إن طبخت...سأطلق ـ وعد بالطلاق فلا يقع به الطلاق، قال الشيخ ابن عثيمين كما في فتاوى نور على الدرب: إذا قال الزوج سأرسل ورقة الطلاق أو سأطلقك أو الورقة التي يفهم منها ورقة الطلاق، فإن هذا وعد بالطلاق وليس إيقاعا له ولا يقع عليه بذلك طلاق فلو أراد أن يرجع عن نيته هذه فلا حرج عليه. اهـ.
وأما قول الزوج: إن طبخت... طالق ـ فيقع به الطلاق بحصول المعلق عليه، وهذا على قول الجمهور الذين يرون وقوع الطلاق المعلق على كل حال، ومن أهل العلم من ذهب إلى أنه إذا لم يقصد بالتعليق إيقاع الطلاق لزمته كفارة يمين، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وراجع الفتوى رقم: 19162.
وبما أنك في شك فيما إن كنت قد قلت هذه العبارة أو تلك، فلا يثبت الطلاق بالشك، لأن العصمة ثابتة بيقين، واليقين لا يزول بالشك، وراجع الفتوى رقم: 96797.
والله أعلم.