السؤال
سؤالي هو: على القول بوجوب مسح الرأس كله عند الوضوء، فهل تجب إزالة البنسات والبكلات وربطات الشعر التي
توضع على الرأس والمصنوعة من البلاستيك عند كل وضوء؟ وهل صح عن السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت
تمسح مقدمة رأسها؟ وجزاكم الله خير على ما تقدمونه من خدمه للمسلمين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولا أن القائلين بوجوب استيعاب الرأس بالمسح اختلفوا هل يعفى عن اليسير من الرأس أو لا؟ قال في الإنصاف: قوله: ويجب مسح جميعه ـ هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب متقدمهم ومتأخرهم، وعفا في المبهج، والمترجم عن يسيره للمشقة، قلت: وهو الصواب، قال الزركشي: وظاهر كلام الأكثرين بخلافه، وعنه: يجزئ مسح أكثره، اختاره في مجمع البحرين، وقال القاضي في التعليق، وأبو الخطاب في خلافه الصغير: أكثره الثلثان فصاعدا، واليسير الثلث فما دونه، وأطلق الأكثر الأكثر. فشمل أكثر من النصف ولو بيسير. إلى آخر كلامه رحمه الله في سياق الروايات عن أحمد في المسألة، وقد صوب العفو عن اليسير كما رأيت وعليه، فإن كانت هذه الأشياء المذكورة من اليسير لم تضر كان المسح صحيحا مجزئا، وأما على القول بأنه لا يعفى عن اليسير فإن كل ما يحول دون وصول الماء إلى الشعر من هذه الأشياء المذكورة وغيرها مانع من صحة الطهارة على هذا القول، قال ابن قدامة: ولو خضب رأسه بما يستره أو طينه، لم يجزئه المسح على الخضاب والطين، نص عليه في الخضاب، لأنه لم يمسح على محل الفرض، فأشبه ما لو ترك على رأسه خرقة فمسح عليها. انتهى.
وأما أثر عائشة المذكور فالظاهر أن الإمام أحمد يصححه عنها، لأنه ذكره محتجا به، قال في المغني: وقال مهنا: قال أحمد: أرجو أن تكون المرأة في مسح الرأس أسهل، قلت له: ولم؟ قال: كانت عائشة تمسح مقدم رأسها. انتهى.
وقد صح عن غير عائشة الاقتصار على مسح بعض الرأس، فصح ذلك عن ابن عمر وهو من أتبع الناس للسنة كما هو معلوم، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وصح عن ابن عمر الاكتفاء بمسح بعض الرأس، قاله ابن المنذر وغيره ولم يصح عن أحد من الصحابة إنكار ذلك قاله ابن حزم. انتهى.
ومن ثم، فهذا المذهب نعني القول بإجزاء الاقتصار على مسح بعض الرأس له قوة واتجاه وبخاصة في حق المرأة، فالتفريق بينها وبين الرجل رواية عن أحمد، وإن كان الأحوط بلا شك وجوب استيعاب الرأس بالمسح.
والله أعلم.