هل للرجل منع زوجته من صيام كفارة قتل الخطأ؟

0 353

السؤال

امرأة كانت تقود مركبة فوقع لها حادث سير أي اصطدمت بجسم ثابت نتجة انحراف المركبة، وكان ذلك بسبب فقد الوعي، وتوفيت عندنا طفلة، وهي تعرف بأن عليها صيام شهرين متتابعين، لكن زوجها رافض لصيامها. فما الحكم في ذلك ومن هو المسؤول أمام الله عن الصيام؟ أفيدونا أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فالأولى لهذا الزوج ألا يمنع هذه المرأة من صيام ما لزمها من الكفارة، لتبرئ ذمتها مما لزمها من الكفارة، وأما الكفارة فهي لازمة لها وهي المسؤولة عنها، وهل لها سعة في تأخير الصوم وطاعة زوجها في ذلك، أم يجب عليها الصوم ولو لم يأذن زوجها؟ في ذلك خلاف ينبني على أن الزوج هل يمنع زوجته من صوم الفرض ولو كان على التراخي، وأن كفارة الخطأ هل هي واجبة على الفور أو على التراخي؟ فحمل بعض العلماء نهي النبي صلى الله عليه وسلم المرأة عن أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه على التطوع خاصة، ورجحه الشوكاني في نيل الأوطار، وألحق كثير منهم بصوم التطوع الصوم الواجب على التراخي كقضاء رمضان وصوم الكفارات إن قلنا هي على التراخي، وقد فصل هذه المسألة في طرح التثريب فقال ما لفظه:

في رواية أبي داود غير رمضان وهذا لا بد من استثنائه فلا يحتاج في صوم رمضان إلى إذنه ولا يمتنع بمنعه، وفي معنى صوم رمضان كل صوم واجب مضيق كقضاء رمضان إذا تعدت بالإفطار أو كان الفطر بعذر ولكن ضاق وقت القضاء بأن لم يبق من شعبان إلا قدر القضاء، أو نذرت قبل النكاح أو بعده بإذنه صيام أيام بعينها، والموسع كقضاء رمضان إذا كان الفطر بعذر ولم يضق الوقت، والكفارة والنذر الذي ليس له وقت معين فهو كالتطوع في أن له منعها منه، وقد صرح بذلك كله أصحابنا، وقال النووي في شرح مسلم هذا محمول على صوم التطوع والمنذور الذي ليس له زمن معين (قلت) وكذا صوم الكفارة وقضاء رمضان إذا فات بعذر ولم يضق الوقت كما تقدم، وقال ابن حزم: تصوم الفروض كلها أحب أم كره. قال وصيام قضاء رمضان والكفارات وكل نذر تقدم لها قبل نكاحها إياه مضموم إلى رمضان؛ لأن الله تعالى افترض كل ذلك كما افترض رمضان، وقال تعالى {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} [الأحزاب: 36] فأسقط الله عز وجل الاختيار فيما قضى به، وإنما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الاستئذان فيما فيه الخيار. انتهى.

واختلف العلماء كذلك في صوم كفارة قتل الخطأ هل هو على الفور أو على التراخي؟ فذهب الشافعية إلى أنها على التراخي.

قال النووي: وأما الكفارة فإن كانت بغير عدوان ككفارة القتل خطأ وكفارة اليمين في بعض الصور , فهي على التراخي بلا خلاف -يعني في المذهب- لأنه معذور. انتهى.

وذهب كثير من العلماء إلى وجوبها على الفور، قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله:كفارة القتل الخطأ تجب على الفور. انتهى.

والحاصل أنه يجب على هذه المرأة طاعة زوجها بتأخير الصوم ما دام يأمرها بذلك في قول الشافعية، ويجب عليها الصوم ولا يجوز لها طاعته عند من جعل صيام الكفارة على الفور ولم ير للزوج حقا في المنع من الصوم المفروض. والذي نرى أن لها سعة في الأخذ بقول الشافعية، لكن عليها أن تجتهد في إقناعه وترضيه ليأذن لها في الصوم.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة