حكم الوضوء من بئر تغير طعم مائه ورائحته

0 353

السؤال

لدينا مسجد في قريتنا، وهذا المسجد له بئر تعبأ به خزانات هذا المسجد ليتم منه الوضوء، ولكن ماء هذا البئر تغير طعمه ورائحته كريهة، وربما يكون السبب قرب هذا البئر من البيارات، وهذا الشك كبير جدا أن يكون تلوث مياه هذه البيارات للبئر لأن عمق هذه البيارات والبئر قريب من بعض، والناس يتوضؤون من هذا الماء دون خوف من أن يكون متنجسا ثم تنتقل النجاسة من أقدامهم إلى فرش المسجد، ولذلك هجرت الصلاة في المسجد حرصا على أن تكون فرش المسجد غير طاهرة. وهذه القضية لها أكثر من شهر. فما الحل؟ وجزيتم خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن كنت تعني بقولك " البيارات " آبار صرف النجاسات, وكان واقع الحال ما ذكر من أن البئر تغير طعم مائه فإنه لا يصح التطهر به للصلاة، لأن كون البئر قريبا من البيارات يحمل على الظن أنه تغير بها, والظن هنا يؤثر ويحكم به على الماء بسلب الطهورية. جاء في حاشية الدسوقي: والحاصل أنه إذا تغير ماء البئر ونحوها وتحقق أو ظن أن الذي غيره مما يسلب الطهورية والطاهرية لقربها من المراحيض ورخاوة أرضها فإنه يضر، وإن تحقق أو ظن أن مغيره مما لا يسلب الطهورية فالماء طهور. اهـــ .

وجاء في كشاف القناع: ولو كان بئر الماء ملاصقا لبئر فيها بول أو غيره من النجاسات وشك في وصوله إلى الماء فالماء طاهر بالأصل، وإن أحب علم حقيقة ذلك فليطرح في البئر النجسة نفطا فإن وجد رائحته في الماء علم وصوله إليه وإلا فلا، وإن وجده متغيرا تغيرا يصلح أن يكون منها ولم يعلم له سبب آخر فهو نجس. اهـ

والحل فيما ذكر إما أن تبحثوا عن مصدر آخر للماء تستعملونه في الوضوء, وإما أن تطهروا ماء البئر , وتطهيره يكون بصب ماء كثير فيها حتى يذهب أثر النجاسة، أو تنزحوا من ماء البئر حتى يبقى من الماء ما لا أثر للنجاسة فيه.

 جاء في الموسوعة الفقهية عن كيفية تطهير البئر: ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه إذا تنجس ماء البئر فإن التكثير طريق تطهيره عند تنجسها إذا زال التغير . ويكون التكثير بالترك حتى يزيد الماء ويصل حد الكثرة ، أو بصب ماء طاهر فيه حتى يصل هذا الحد . وأضاف المالكية طرقا أخرى ، إذ يقولون : إذا تغير ماء البئر بتفسخ الحيوان طعما أو لونا أو ريحا يطهر بالنزح أو بزوال أثر النجاسة بأي شيء . بل قال بعضهم : إذا زالت النجاسة من نفسها طهر . وقالوا في بئر الدار المنتنة : طهور مائها بنزح ما يذهب نتنه . ويقصر الشافعية التطهير على التكثير فقط إذا كان الماء قليلا (دون القلتين) إما بالترك حتى يزيد الماء ، أو بصب ماء عليه ليكثر ، ولا يعتبرون النزح لينبع الماء الطهور بعده ؛ لأنه وإن نزح فقعر البئر يبقى نجسا كما تتنجس جدران البئر بالنزح. اهــ .

وأما حكم فرش المسجد من حيث الطهارة أو النجاسة فبناء على ما ظهر لنا من أن الماء متنجس، فإن من توضأ بذلك الماء المتنجس ودخل المسجد ورجلاه مبتلتان فإنه ينجس ما وطئه بقدمه من فراش المسجد ما دامت القدمان مبتلتين, وإن دخل ورجلاه جافتان لم يتنجس , وعند الشك في تنجس أي جزء من الفراش فالأصل الطهارة. ولا نرى لك أن تهجر المسجد لأجل ما ذكر  لأن تنجس فراش المسجد كله أمر غير متيقن، ويمكنك أن تصلي في مكان لا تصل إليه أقدام المتوضئين بذلك الماء إلا بعد جفافها.

والله تعالى أعلم
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة