السؤال
ما قول الشرع في أناس يوقرون الأخوة في الله كثيرا، ويعطونها مساحة كبيرة من حياتهم حتى تصبح حديثهم الدائم، وقد تصل إلى التعلق بالآخر تحت مسمى الحب في الله؟ أرجو بيان حدود الأخوة في الله، وهل أعلى درجة فيها هي الخلة؟ وما رأي الشرع في ما يسمى الأخوة الخاصة والأخوة العامة ومراتب الأخوة؟ وهل يمكن أن نتخذ من الرسول عليه الصلاة السلام خليلا بعد وفاته؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما لا شك فيه أن الأخوة في الله ثمرة من ثمرات الإيمان، ولها فضلها ومنزلتها في الإسلام، وتقوم على معان عظيمة سبق ذكر شيء منها بالفتوى رقم: 19502.
والحب في الله معنى من هذه المعاني النبيلة، ولكن مما ينبغي التنبه له هو أن الشيطان قد يدخل على بعض الناس من باب الحب في الله ليوقعهم في نوع من العشق المحرم ويزين لهم أن هذا من الحب في الله، فيحسب الواحد منهم أنه يحسن صنعا وهو على سعي ضال، وللأهمية نرجو مطالعة الفتوى رقم: 157085، ففيها الفرق بين الحب في الله والعشق، والفتوى رقم: 106227، ففيها بيان العلامات التي تميز المحبة في الله عن غيرها.
وأما الأخوة العامة والأخوة الخاصة: فيمكنك أن تراجعي فيها الفتوى رقم: 41654.
والخلة هي أعلى درجات المحبة، قال الحافظ ابن حجر: الخليل: الصديق الخالص الذي تخللت محبته القلب فصارت في خلاله أي: في باطنه. اهـ.
ولا حرج شرعا في أن يتخذ المسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم خليلا، وقد قال بعض الصحابة تلك الكلمة في حق النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر. رواه البخاري ومسلم.
ولا فرق في أن يكون ذلك في حياته أو بعد وفاته، وقول أبي هريرة هذا لا يعارض قوله صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر ـ لأن الممتنع أن يتخذ هو صلى الله عليه وسلم غيره خليلا لا العكس، وينبغي للمسلم أن يعلم أن المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تعني طاعته واتباع شرعه، فتزيد هذه وتقوى بزيادة المحبة وإلا كان الأمر كمجرد ادعاء.
والله أعلم.