السؤال
في أيام المراهقة كنت أنا وأصدقائي في الخارج ووجدنا جهاز كمبيوتر, فقمنا ـ والعياذ بالله ـ بسرقته وبيعه وتم توزيع قيمة الجهاز بيننا مرت السنون على هذه الحادثة، وفي كل مرة أتذكر الموضوع أنزعج وأعض أصابع الندم على مافعلته، تبت إلى الله في وقتها، لكن حتى الآن لم أرد مبلغ الجهاز ومن الصعب أن أذهب للشخص وأقول له تفضل هذه قيمة الجهاز, فهل أتبرع عنه بمبلغ ما؟ وهل أدفع قيمة الجهاز؟ أم الجزء الذي أخذته فقط؟ انقطعت علاقتي بأصدقائي الآن، أرجوا الرد بسرعة، لأن الموضوع لا يتحمل تأخيرا أكثر مما هو عليه، ومثل ما ذكرت لا أستطيع أن أسلم المبلغ لصاحب الجهاز ولا أستطيع التواصل مع أصدقائي؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله تعالى الذي وفقك للتوبة، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنك وأن يثبتنا على طاعته، ومن تمام التوبة رد الحقوق لأصحابها، ولا حرج في التلطف في رد هذا الحق، ولا يلزمك إخبار صاحب الجهاز بأمر السرقة، إذ المعتبر هو مجرد إيصال الحق إليه ولو بطرق غير مباشرة كإرساله إليه مع أمين يجهل عين المرسل ليسلمه إليه ويخبره أنه حق له على المرسل، ولا خلاف بين الفقهاء في وجوب رد المسروق إلى من سرق منه إن كان قائما ولم يتغير عن الحالة التي سرق عليها، وأما في الحالة المذكورة فالواجب دفع قيمة الجهاز يوم السرقة من عملة البلد الذي حصلت فيه السرقة، وعلى هذا فعليك رد قيمة الجهاز يوم السرقة ـ سواء كانت قيمته في ذلك الوقت تساوي الثمن الذي بيع به أو أقل أوأكثر ـ والغالب أن المسروق يباع بأقل من قيمته، لكن الاعتبار للقيمة يوم السرقة، جاء في فتاوى ابن تيمية: وإذا تغير السعر وفقد المثل فينتقل إلى القيمة وقت الغصب، وهو أرجح الأقوال. انتهى.
وعليك أن تؤدي القيمة كلها، لأن كل واحد منكم ضامن للجهاز باشتراككم في السرقة وتواطئكم عليها، قال صاحب منح الجليل نقلا عن ابن رشد: إذا اجتمع القوم في الغصب أو السرقة أو الحرابة فكل واحد منهم ضامن بجميع ما أخذوه، لأن بعضهم قوى بعضا، كالقوم المجتمعين على قتل رجل فيقتلون به جميعا، وإن ولي القتل أحدهم وحده. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 63255.
لكن ما دفعته عن شركائك في تلك السرقة لك الرجوع به عليهم ومطالبتهم به.
وأما مسألة التصدق بقيمة الجهاز عن صاحبه: فلا تفيد ما دام يمكنك إيصال الحق إليه.
والله أعلم.