السؤال
تنازل بعض أعمامي عن ميراثهم من أخيهم لأمهم، واستجد ميراث جديد، فهل تجوز لهم المطالبة بحقهم، وبعضهم قد سجل ورقة مكتوبة عليه؟ وعندما سألته عنها، قال: لا أعلم حينها هل كنت أقصد ميراثه السابق فحسب أم ميراثه مطلقا؟ وكذلك قد سمعت من أبي أنه تنازل عن حقه من ميراثه من أخيه لصالح أمه، ولا أعلم هل يعني الميراث السابق فقط أم يعني من ميراثه من أخيه مطلقا في السابق والمستقبل، وبما أنني وكيل عن ورثة أبي، فهل يجوز أن أعطي من يعترض من الورثة، ويطالب بأخذ حقه وأذكر له شهادتي، وأكله إلى نفسه؟ أفتونا مأجورين.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فللورثة المطالبة بالميراث الجديد، وأخذ حقهم فيه على كل حال؛ لأن التنازل الأول ولو كان وقع ممن هو أهل له، فإما ألا يتناول الميراث المكتشف، كما ادعوا، وذلك فيما إذا كان ذلك التنازل وقع على ميراث معين معلوم، فإنه لا يتناول ما استجد من الميراث، وحتى لو فرضنا تناول تنازلهم الأول عن الميراث لما ظهر منه، فإن التنازل هبة، كما بينا في الفتوى: 147981.
ولهم الحق في الرجوع عنها قبل حيازتها من الموهوب له ـ كما يظهر من السؤال ـ، فقد روى مالك في الموطأ: أن أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ وهب لابنته عائشة عشرين وسقا، ولم تقبضها حتى حضرته الوفاة، فقال لها: والله، يا بنية ما من أحد من الناس أحب إلي غنى بعدي منك، وإني كنت قد نحلتك عشرين وسقا، فلو كنت جذذتيه واحترزتيه، كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث.
وعليه؛ فالهبة لا تصير لازمة لا يحق التراجع عنها، إلا إذا حاز الموهوب له الهبة قبل أن يعود الواهب في هبته؛ لما ذكره الفقهاء من أن الهبة لا تصير لازمة إلا بالقبض، في قول الجمهور، إلا إذا كانت الهبة أصلا في يد الموهوب له، فإنها تصير لازمة بمجرد الإيجاب والقبول، قال صاحب الروض: وتلزم بالقبض بإذن واهب، إلا ما كان في يد موهوب له؛ لأن قبضه مستدام، فأغنى عن الابتداء.
ولمعرفة شروط صحة التنازل، انظر الفتويين: 97300، 99714.
ونصيب الأب من ذلك المال الجديد يعطى لورثته، ويعمل فيه بالأصل، وهو بقاؤه على ملكه.
والله أعلم.