0 256

السؤال

سؤالي هو: أنا شاب أريد أن أحج هذا العام لقناعتي بأنه واجب علي لتوفر المال والاستطاعة البدنيه، لكن أمي طلبت مني أن أؤجله للعام المقبل كي تذهب معي. فهل أأثم إن لم أحج هذا العام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فقد اختلف أهل العلم في الحج هل هو واجب على الفور أو على التراخي؟ فعلى القول بأنه واجب على الفور تأثم إن أخرت الحج هذا العام مع قدرتك عليه، وليست رغبة أمك في الحج معك عذرا يبيح لك تأخير الحج، وعلى القول بأنه على التراخي فلا إثم عليك إن أخرت الحج عامك هذا، والقول بأن الحج واجب على الفور هو قول الجمهور وهو الأقوى دليلا والأحوط للدين، ونحن نختصر من كلام ابن قدامة رحمه الله في المغني ما تتبين به مذاهب العلماء وأدلتهم في المسألة.

قال رحمه الله: من وجب عليه الحج، وأمكنه فعله، وجب عليه على الفور، ولم يجز له تأخيره. وبهذا قال أبو حنيفة، ومالك. وقال الشافعي: يجب الحج وجوبا موسعا، وله تأخيره؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بكر على الحج، وتخلف بالمدينة، لا محاربا، ولا مشغولا بشيء، وتخلف أكثر الناس قادرين على الحج، ولأنه إذا أخره ثم فعله في السنة الأخرى لم يكن قاضيا له، دل على أن وجوبه على التراخي. ولنا، قول الله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} [آل عمران: 97] . وقوله: {وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة: 196] . والأمر على الفور. وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من أراد الحج فليتعجل . رواه الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجه. وفي رواية أحمد، وابن ماجه: فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة. ولأنه أحد أركان الإسلام فكان واجبا على الفور كالصيام. ولأن وجوبه بصفة التوسع يخرجه عن رتبة الواجبات، لأنه يؤخر إلى غير غاية ولا يأثم بالموت قبل فعله، لكونه فعل ما يجوز له فعله، وليس على الموت أمارة يقدر بعدها على فعله. فأما النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنما فتح مكة سنة ثمان، وإنما أخره سنة تسع، فيحتمل أنه كان له عذر، من عدم الاستطاعة، أو كره رؤية المشركين عراة حول البيت، فأخر الحج حتى بعث أبا بكر ينادي: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان . ويحتمل أنه أخره بأمر الله تعالى لتكون حجته حجة الوداع في السنة التي استدار فيها الزمان كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض. انتهى.

ومن ثم فإن عليك أن تبادر بالحج وتعتذر لأمك مبينا لها حكم الشرع في المسألة، فإذا كان العام الذي تريد هي أن تحج فيه فإن استطعت الخروج معها فحسن وإلا فإن كانت هذه هي حجة الإسلام لها فلا حرج عليها عند كثير من العلماء أن تسافر للحج مع رفقة مأمونة أو نسوة ثقات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة