الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاقتراض لأداء الحج، والموازنة بيت الحج والزواج

السؤال

أنا شاب أعزب عمري 29 سنة، لا زلت أسكن مع أهلي.لطالما تمنيت الحج، والآن قد تم اختياري في القرعة، لكن أريد أن أتأكد من شرط الاستطاعة.أملك حاليا تقريبا نصف المبلغ، وقد استغرق تحصيله سنة، وقد أتمكن من أداء المبلغ كاملا بعد العودة ببضعة أشهر إن شاء الله.لكن في السنة الماضية ذهب أهلي إلى الحج واضطروا للاقتراض، وهم عاجزون عن أداء الدين، وأنا أساعد في ذلك. الأمر يصل إلى أن أهلي يقترضون في بعض الأحيان لكي نتمكن من الأكل، وأنا دائما أساعد بقدر المستطاع في ذلك. لكن إذا ما ذهبت إلى الحج فلن أستطيع أن أساعد بأي شيء.أيضا هذا المبلغ الذي حصلته كان من أجل إتمام دراستي حتى أتمكن في سن 32 إن شاء الله من الحصول على شهادة عليا تمكنني من تحسين وضعي، والتحصن بالزواج. وأحس أن هذا اختبار من الله. هناك من ينصحني بالذهاب، وأمي تنصحني بالزواج قبل الذهاب.لقد صليت الاستخارة، والتجأت إليكم بعد الله لنصحي بماذا أفعل. جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالاستطاعة من شروط وجوب الحج؛ لقول الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97].
وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الاستطاعة بأنها الزاد والراحلة، رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما.

فالاستطاعة في الحج هي القدرة على ثمن أو أجرة الوسيلة الموصلة إلى البلاد المقدسة والعودة منها، بالإضافة إلى ما يحتاجه الحاج من نفقات، ونفقات من تلزمه نفقته، في مدة ذهابه وإيابه.

راجع الفتوى: 22472

فإذا لم تجد من المال ما تتمكن به من الحج، فلا يلزمك أن تدخر لتحج، فإن ما لا يتم الوجوب إلا به ليس بواجب.

جاء في الكوكب المنير: وما لا يتم الوجوب إلا به ـ سواء قدر عليه المكلف ـ كاكتساب المال للحج والكفارات ونحوهما، أو لم يقدر عليه المكلف؛ كحضور الإمام الجمعة، وحضور العدد المشترط فيها ـ لأنه من صنع غيره فإنه ليس بواجب مطلقا، وحكي إجماعا. انتهى.

راجع الفتوى: 139404

وقد قلت إن المال الذي لديك لا يكفي للحج، فلا ننصحك بالاستدانة لكي تحج، فربما يحين الأجل، ولا يكون في تركتك سداد للدين، وفي الحديث: نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ. رواه أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه.

وأما مسالة تقديم الحج أو الزواج، في حال كان الشخص لا يملك إلا ما يكفي أحدهما، ففيه تفصيل:

1- في حال اعتدال الشهوة، يجب تقديم الحج على الزواج عند جمهور العلماء.

جاء في "متن الإقناع": ويقدم النكاح مع عدم الوسع من خاف العنت، وإن كان لا يخاف العنت، فلا اعتبار بهذه الحاجة قولاً واحداً. اهـ.

2- وإن كان في حالة توقان النفس إلى النكاح والخوف من الزنا، فيقدم الزواج.

جاء في المغني: وإن احتاج إلى النكاح وخاف على نفسه العنت قدَّمَ التزويج؛ لأنه واجب عليه، ولا غنى به عنه، فهو كنفقة، وإن لم يخف قدم الحج. اهـ.

وراجع الفتوى: 34374.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني