السؤال
سيدي الكريم أصبحت أشعر بأن الإسلام صعب التطبيق الاستيقاظ دائما على الخامسة صباحا للصلاة ولزوم عدم النظر إلى الفتيات والأفلام فكيف أتغلب على هذا الشعور؟ وشكرا.
سيدي الكريم أصبحت أشعر بأن الإسلام صعب التطبيق الاستيقاظ دائما على الخامسة صباحا للصلاة ولزوم عدم النظر إلى الفتيات والأفلام فكيف أتغلب على هذا الشعور؟ وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشرح صدرك، وأن يعيذك من شر نفسك، ومن شر الشيطان وشركه، ثم إننا نلفت النظر في البداية إلى أن وجود أصل المشقة، أو الحاجة إلى المجاهدة للاستقامة على طاعة الله تعالى أمر معروف ومعهود، وهو الذي يتناسب مع الغاية من خلقنا، فقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يخلق الخلق على هيئة تظهر بها آثار أسمائه وصفاته وذلك عن طريق الابتلاء والامتحان بالأوامر الشرعية والأحكام القدرية، فالحكمة العامة التي خلق الله الخلق لأجلها أن يبلوهم أيهم أحسن عملا، كما قال تعالى: وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا {هود: 7}.
وقال: الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور {الملك: 2}.
وهذا الامتحان يكون بالأحكام الشرعية أمرا ونهيا، ويكون كذلك بالأحكام القدرية، سواء ما نكره منها كالمصائب والشدائد، أو ما نحب كالأموال والأولاد، كما قال تعالى: ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون {الأنبياء: 35}.
ليتميز بذلك أهل الإيمان الحق من أهل الدعاوى الفارغة، فالكل يمكن أن يدعي محبة الله وإيثار مرضاته على هوى النفوس؛ ولكن حقيقة ذلك لا تظهر إلا بامتحان وابتلاء، فيؤمر المرء بما يشق عليه فعله، وما فيه فوات بعض شهواته ويحد له حدودا في ما تشتهيه نفسه، فلا يتعداها وإن كان ذلك على خلاف هواه، ومن أمثلة ذلك ما ذكره الأخ السائل من الاستيقاظ المبكر لصلاة الفجر وما يفوت بذلك من شهوة النوم والإخلاد إلى الراحة، وكذلك الأمر بغض البصر عما حرم الله، وإن كانت النفس تميل إلى ذلك وتحبه!! فمثل هذا محك يظهر معدن الإنسان، وصدقه في إيمانه، ثم تكون العاقبة كما ذكر الله في قوله: فأما من طغى* وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى* وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي المأوى {النازعات: 37ـ 41}.
ثم إن من حكمة الله تعالى في قضائه وقدره أن يحسن سبحانه إلى من أحسن في عبادته، ففعل لأجله وترك لأجله، وإن خالف هوى نفسه، كما قال سبحانه: للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب {الزمر: 10}.
وقال عز وجل: ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى {النجم : 31}.
وقال تعالى: وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون {يوسف: 56ـ 57}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله عز وجل إلا أعطاك الله خيرا منه. رواه أحمد وصححه الألباني.
وراجع لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 69481، ورقم: 33718.
والابتلاء بأنواعه لا يتعارض مع يسر الدين، ورفع الحرج عن أحكامه، فإن الله عز وجل لم يكلف عباده إلا وسعهم، ولم يأمرهم إلا بما يطيقون، وهذا ظاهر في كل شرائع الإسلام، فالتكليف منوط بالطاقة والقدرة، وقد سبق لنا إيضاح المقصود بيسر الدين وبيان أدلة رفع الحرج، فراجع الفتاوى التالية أرقامها: 46684، 48452، 74704.
وراجع في عوامل الفتور عن الالتزام، وسبيل الإصلاح وعوامل الثبات ووسائل تقوية الإيمان، الفتاوى التالية أرقامها: 17666، 10800، 125150.
وراجع في ما يعين على غض البصر الفتويين رقم: 71122، ورقم: 78760.
وفي ما يخص الاستيقاظ لصلاة الفجر الفتويين رقم: 122957، ورقم: 2444.
والله أعلم.