السؤال
أنا شاب فلسطيني الجنسية مضى من عمري 32 عاما وأنا مقيم في مدينة نابلس في الضفة الغربية في فلسطين، وأنا متزوج وأعيل أسرة مكونة من الأب والأخت والزوجة وثلاثة أولاد، ووالدي رجل مسن 74 عاما كنت أعمل في مجال المؤسسات المصرفية حيث إن تخصصي هو العلوم المالية والمصرفية وقد عملت بها 8 سنوات ولا يوجد لدى الأسرة مصدر دخل دائم آخر غير وظيفتي والتي أعيل منها أسرتي جميعها وقد قمت بتقديم استقالتي من عملي الأخير بتاريخ 29/2/2012 حيث كنت أعمل مديرا لإحدى المؤسسات المالية في فلسطين والتي تعمل في مجال الإقراض الربوي وكانت الاستقالة ليست لأسباب دينية وإنما لأسباب شخصية ومنذ ذلك التاريخ وأنا لم أتقدم بطلب لأي وظيفة في بنوك أو مؤسسات شبيهة وذلك لأسباب دينية هنا وأحاول التقديم فقط لمؤسسات وشركات ذات نوعية أعمال أخرى طمعا في الحصول على عمل حلال ولكن إلى غاية الآن لم أوفق في الحصول على عمل وذلك للأسباب التالية:
1ـ اختلاف الخبرة المطلوبة مع الخبرة المتوفرة لدي.
2ـ صعوبة الوضع الاقتصادي والذي لا يخفى على أحد في فلسطين.
مع العلم بأن أسرتي تحتاج مصروفا شهريا لا يقل عن ألف دولار بسبب غلاء الأسعار والناتج عن الاحتكار الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي علينا، أفيدونا فأنا والله لا أرغب في العودة إلى العمل الحرام وأريد الحلال، مع العلم بأن العمل وفق خبراتي موجود في أحد المصارف عندنا وبراتب ومركز اجتماعي ممتاز أفيدونا هداكم الله وسدد خطاكم آملا منكم إجابتي بشكل مباشر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في تحريك الحلال الطيب، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ـ وقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ـ ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟.
والربا من أشد المحرمات إثما وأعظمها جرما ولا يقتصر إثمه على آكله أو موكله، بل يشمل معينهما، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه، هم فيه سواء. رواه مسلم عن جابر. ولقول الله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب { المائدة:2}.
فاحمد الله على ما وفقك إليك من ترك الحرام واجتهد في البحث عن الحلال، وأر الله من نفسك خيرا، قال تعالى: إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم {الأنفال:70}. واعلم أن تقوى الله خير زاد، وقد ضمن الله الرزق لمن يتقيه، قال الله تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب { الطلاق:2ـ3}.
وعليه، فإذا كان بإمكانك الاكتساب بأية وسيلة أخرى من الوسائل المباحة، وتحصيل ما تعيش به أسرتك فإنه يحرم عليك أن تعود إلى تلك الوظيفة المحرمة بعد أن أنقذك الله منها وليس من شكر نعمة الله عليك بالهداية أن تعود إلى معصيته، لكن إن لم تجد وسيلة أخرى، وكان بقاؤك على تلك الحال سيترتب عليه هلاكك، أو هلاك بعض أفراد أسرتك أو ضرر يلحق بهم أو بك فإنك حينئذ تكون مضطرا إلى هذا العمل، ولكن الضرورة تقدر بقدرها، فمتى زالت الضرورة تركته، قال الله تعالى: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم {البقرة:173}.
والله أعلم.