السؤال
هل يجب علي أن أنصح كل من أراه وقد عمل شيئا يخالف الشرع كبيرا في السن أوصغيرا، سواء في المسجد أو الطريق أو غيرهما بدون استثناء، وأدخل إلى المحلات التجارية التي فيها أمور تخالف الشرع وأنصحهم جميعا. هل ذلك واجب علي دائما؟ وهل نصح الناس إذا رأيت من أحدهم ما يخالف الشرع وتغييره واجب علي باللسان دائما لا يجوز الاكتفاء بالقلب أبدا ؟ وإن لم أفعل ما ذكرت لكم هل أكون عاصيا آثما دائما مخالفا مستحقا للوعيد والعياذ بالله؟ بينوا لي ماذا أفعل انصحوني وأفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النصح والنهي عن المنكر واجب شرعي فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم. وقال تعالى: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون.
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن النصيحة واجبة وجوبا عينيا، وعند البعض الآخر أنها واجبة وجوبا كفائيا بشروط .
فقد جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الفقهاء إلى أن النصيحة تجب للمسلمين.. وقال المالكية: النصيحة فرض عين سواء طلبت أو لم تطلب، إذا ظن الإفادة لأنه من باب الأمر بالمعروف، ونقل النووي عن ابن بطال: النصيحة فرض كفاية يجزى فيه من قام به ويسقط عن الباقين.. وهي لازمة على قدر الحاجة أو الطاقة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع أمره وأمن على نفسه المكروه فإن خشي على نفسه أذى فهو في سعة. اهـ
وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، إذا قام به بعض الناس سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف، ثم إنه قد يتعين، كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو أو لا يتمكن من إزالته إلا هو. اهـ.
ولا يجوز الاكتفاء بالقلب إلا عند العجز أو خوف الضرر.
قال المناوي: إن لم يستطع الإنكار بيده بأن ظن لحوق ضرر به ( فلبسانه ) أي بالقول كاستغاثة أو توبيخ أو إغلاظ بشرطه ( فإن لم يستطع ) ذلك بلسانه لوجود مانع كخوف فتنة أو خوف على نفس أو عضو أو مال ( فبقلبه ) ينكره وجوبا بأن يكرهه به ويعزم أنه لو قدر فعل. اهـ.
والله أعلم.