السؤال
وضعت على اليوتيوب مقطعا يضم حديثا إسناده قوي وصحيح للمصطفى صلى الله عليه وسلم فأرجو منك أن تعطينى رأيك فيه وبصراحة دمجت معه موسيقى، ولكن من وجهة نظر الشيخ الشعراوى في الموسيقى هذه الموسيقى ليست حراما. فأرجو منك أن تعطينى ملاحظتك، فلو هناك عيب فيه سأحذفه من على الموقع. ولكنى رأيت فيه الآتى أنى أحاول التذكير بكلام النبي صلى الله عليه وسلم وتحذير الناس وتوسيع رؤيتهم للأمور التي تجري من حولنا. بالله عليك أن تطالعه وتعطيني رأيك.
تستطيع كتابة هذا في خانة البحث في اليوتيوب(حديث مذهل للنبي عن المهدي المنتظر يتحقق الآن).
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نشكر لك حرصك على الخير، وتحريك الصواب. وأما ما ذكرته من دمج الموسيقى كخلفية صوتية لهذا المقطع، فهذا لا يجوز، وقد سبق لنا التنبيه على أن المقاطع المشتملة على شيء من المعازف - وإن قل قدرها - لا يجوز العمل على نشرها. وراجع في ذلك الفتويين: 166399، 163599.
ومبنى ذلك على حرمة استماع آلات اللهو والمعازف ـ الموسيقى ـ واستعمالها، وقد حكى الإجماع على تحريم استماعها ـ سوى الدف ـ جماعة من العلماء، منهم الإمام القرطبي وأبو الطيب الطبري وابن الصلاح وابن رجب الحنبلي وابن القيم وابن حجر الهيتمي، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 126078 وما أحيل عليه فيها.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام اهـ. وراجع لزيادة الفائدة في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 39632، 31382، 5770، 35708.
ثم إنه لا يخفى أن هذه الخلفية الموسيقية ليس لها فائدة، وقبحها يشتد عند تشغيلها مع الأحاديث النبوية والمعاني الشرعية. وقد اطلعنا على ما استحلفنا السائل عليه وقرأنا مادته مع إغلاق الصوت، ولم نتضرر ولم تفتنا فائدة !!
وأما بخصوص مادة هذا المقطع بغض النظر على مسألة الموسيقي، فإننا ننبه على ثلاثة أمور:
الأول: أن تصحيح هذا الحديث محل خلاف بين أهل العلم، فقد صححه البزار والحاكم وابن كثير والقرطبي والبوصيري. وأعله الإمام أحمد والذهبي والألباني وغيرهم. وراجع للفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 62867، 6573، 27618، 121048.
والأمر الثاني: أن الكنز المذكور في هذا الحديث اختلف أهل العلم أيضا في بيانه، فمنهم من يقول: إنه كنز الكعبة. كما سبقت الإشارة إليه في الفتويين: 62534، 62867. ومنهم من يقول: إنه الكنز الذي يحسر عنه نهر الفرات، كما ذكر في هذا المقطع. وهذا ما رجحه الشيخ حمود التويجري في (إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة) حيث قال: قال ابن كثير في "النهاية": "المراد بالكنز المذكور في هذا السياق كنز الكعبة". قلت: وفي هذا نظر؛ لما تقدم في باب النهي عن تهييج الترك والحبشة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتركوا الحبشة ما تركوكم؛ فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة ... والأقرب في الكنز المذكور في حديث ثوبان رضي الله عنه: أنه الكنز الذي يحسر عنه الفرات، وقد يكون غيره اهـ.
والأمر الثالث والأهم: أن قوله صلى الله عليه وسلم: "فبايعوه ولو حبوا على الثلج" لا يصح الجزم بأنه يشير إلى كثرة هطول الثلوج على بقاع كثيرة من البلاد في آخر الزمان، فإن هذه العبارة ظاهرة في إرادة التأكيد على مبايعة المهدي ومناصرته وإن كان في ذلك صعوبة شديدة، قال المجددي في (إنجاح الحاجة): أي يأتيه الإنسان ولو بلغه أشد الصعوبات اهـ.
وعلى أية حال فمثل هذه الأمور الغيبية تحتاج إلى دليل صحيح الثبوت، ثم إلى تنزيل صحيح لهذا الدليل ـ إن وجد ـ على الواقع. وننصح السائل الكريم بمراجعة كتاب الشيخ الفاضل/ محمد إسماعيل المقدم (المهدي وفقه أشراط الساعة) خاصة فصل: (ظاهرة العبث بأشراط الساعة). وفصل: (ضوابط التعامل مع الفتن وأشراط الساعة).
والله أعلم.