السؤال
ما هو سر إباحة الدف دون سواه من المعازف؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدف مستثنى من عموم النهي عن المعازف للدليل الذي خصه دونها، جاء في فتاوى الشيخ ابن عثيمين بيان لبعض حكمة ذلك حيث قال في الطبل: الدف والطبل كلاهما من المعازف، لكن الفرق بينهما أن الدف يكون من وجه واحد، والطبل يكون من الوجهين أي: فالطار من الخشب أو غيره إذا ختم من الوجهين فهو طبل، وإذا كان من وجه واحد بحيث يكون كالصحن فإن هذا يسمى دفا، والدف أهون من الطبل، لأن الطبل لما كان مستورا من الوجهين سيكون له صوت ونغمة أقوى من صوت الدف، فلهذا قال العلماء: الدف جائز والطبل غير جائز. اهـ.
وقال أيضا: وإنما منع الطبل دون الدف، لأن رنة الطبل أشد إيقاعا من رنة الدف، والمعازف كلما كان أقل منها تأثيرا فهو أولى، فإذا أبيح الدف في النكاح، فإننا لا نرتقي إلى ما هو أكثر تأثيرا منه، والطبل أكثر تأثيرا من الدف. اهـ.
وقال أيضا في الشرح الممتع: الذي يسن الدف، وهو غير الطبل والطار، فالدف يجعل الرق والجلد على وجه واحد منه، وأما الطبل والطار فبعضهم قال: هي الكوبة التي ورد فيها النهي، يكون فيه الرق من الوجهين جميعا، وهذا موسيقاه أكثر من الموسيقى الذي فيه الجلد من وجه واحد ...... وهناك آلات عزف أخرى كالمزامير، والطنابير، والرباب، وما أشبهها، وهذه لا تجوز بأي حال من الأحوال لحديث أبي مالك الأشعري ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف...وإذا كانت المعازف حراما فإنه لا يحل منها إلا ما خصه الدليل، وبالقيود التي جاءت به، وهذه قاعدة مهمة إذا جاءنا نص عام، ثم ورد تخصيصه فإنه يتقيد ـ أي التخصيص ـ بالصورة التي ورد بها النص فقط، مثلا: وردت إباحة الدف في موضعه فهل يمكن أن يقول قائل: إذا جميع آلات العزف تباح في مثل هذه المناسبات قياسا على الدف؟ الجواب: لا يصح، لأن التخصيص إذا ورد يجب أن يكون في الصورة المعينة التي ورد بها، ولا يمكن أن تقاس بقية المعازف على الدف، لأنها أشد تأثيرا من الدف، وذلك لأصواتها ورناتها، والنفوس تطرب بها أكثر مما تطرب بالدف. اهـ.
والله أعلم.