السؤال
ما قول ابن تيمية في تأخير الصلاة عن وقتها متعمدا هل الكفر كما قال ابن باز أم تعتبر كبيرة فأنا أعاني من الوسواس لكني جاهدت نفسي في الإعراض عنه فاستطعت لكني لا زلت أعاني من هذه المشكلة ولم تجيبوني مع أني من المحافظين عليها في وقتها لكن لا بد في يوم من الأيام أن أؤخرها فأشعر أني قد كفرت وأن كل أعمالي حبطت فأتركها لأيام وإذا صليت لا أشعر بلذتها هل القول الأصح في موخر الصلاة عمدا الكفر أم أنها كبيرة؟ وهل لو كان القول الأصح هو الكفر وقمت بتأخير الصلاة هل يجب التوبة بشروطها أم عودتي للصلاة في وقتها دون تعيين توبة تكفي؟ وهل لو أنني كنت صائما في رمضان وأخرت الصلاة عمدا ( أي أني أنشغل ببعض الأمور فأؤخرها ) والشيخ ابن باز أفتى بكفر من أخرها عمدا هل يفسد ويحبط عملي وصومي أم ماذا ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألة كفر تارك الصلاة مسألة مشهورة قد انتشر الخلاف فيها بين العلماء، والذي نميل إلى ترجيحه أن تارك الصلاة لا يكفر كفرا ناقلا عن الملة، وهو مذهب الجمهور، وانظر الفتوى رقم: 130853 ، وبناء عليه فلا يبطل صوم من ترك الصلاة ولا يلزمه تجديد إسلامه، وإنما يتوب إلى الله تعالى مما ألم به من الذنب العظيم ويقضي تلك الصلاة ويحافظ على صلاته فيما يستقبل من أمره، وأما شيخ الإسلام رحمه الله فالظاهر من تصرفه أنه يرى كفر من ترك الصلاة تركا كليا، وأما من كان يصلي ويدع فالظاهر أنه لا يرى كفره، قال رحمه الله: " فأما من لا يصلي قط في طول عمره ولا يعزم على الصلاة، ومات على غير توبة أو ختم له بذلك، فهذا كافر قطعا. انتهى. وقال أيضا رحمه الله: " فأما من كان مصرا على تركها لا يصلي قط، ويموت على هذا الإصرار والترك فهذا لا يكون مسلما، لكن أكثر الناس يصلون تارة ويتركونها تارة، فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها وهؤلاء تحت الوعيد. انتهى. وهذا هو ترجيح العلامة ابن عثيمين رحمه الله.
وعلى كل حال فإنك على قول الجمهور وعلى اختيار شيخ الإسلام رحمه الله لا تكون كافرا خارجا من الملة بمجرد ترك صلاة واحدة.
هذا ونحن نحثك على أن تجاهد نفسك في الحفاظ على الصلاة ولا تستسلم لوسوسة الشيطان وتلبيسه من أنك لا بد أن تتركها يوما ما، فما أكثر المحافظين على صلاتهم لا يخلون بشيء منها من غير عذر، فادع الله والتجئ إليه في أن يجعلك منهم، وأحسن ظنك به تعالى وثق أن القلوب بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء فلا تلتمس الهدى من غيره، وأقبل عليه سبحانه حريصا على طاعته، واعلم أن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فلو حافظت على صلاتك واطلع الله من قلبك على الصدق في ذلك فإنه يثبتك ويسددك ويأخذ بناصيتك إلى الاستقامة، فإنه من تقرب إلى الله شبرا تقرب الله إليه ذراعا، ومن تقرب إليه ذراعا تقرب الله إليه باعا، ومن أتاه يمشي أتاه سبحانه هرولة؛ كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.