المؤمن من شأنه أن يجمع بين الخوف والرجاء

0 286

السؤال

ذهبت لأداء العمرة قبل فترة ، وفي أثناء السعي و أنا أدعو عند الصفا أحسست أنني أرائي بدعائي .. حاولت أن أتجاهل الأمر لكني شعرت أن الرياء دخل عبادتي بالفعل .. فتضايقت كثيرا و استغفرت الله و أكملت السعي و أنا في أشد الضيق ، لأنني ظننت أن ريائي بدعائي قد أفسد علي عمرتي (وهي العمرة الأولى في حياتي) .. و عندما خرجت من الحرم كانت حالة الضيق لا زالت تلازمني ، فجلست أندب حظي بيني و بين نفسي ، وكيف أن هذه العمرة التي كنت أحلم بها قد فسدت بسبب الرياء .. فقلت وقتها لنفسي (لايهمني إن تقبلها الله أم لا .. المهم أنني اعتمرت)!! لكني ما لبثت أن ذكرت نفسي بأنني قصدت بهذه العمرة و هذا التعب وجه الله سبحانه ، و طلبا لمغفرته و استجابة لأمره .. بعد عودتي قرأت أن الرياء في بعض العبادة لا يفسدها كلها ، بل يفسد الجزء الذي دخل فيه .. فارتحت كثيرا وحمدت الله على ذلك .. لكنني تذكرت أنني قلت تلك الجملة ، فعاد إلى نفسي الهم و الوجع من جديد.. أنا أعتقد أنني قلت تلك الجملة السخيفة كي أخفف الضغط عن نفسي الحزينة و لكي لا أدع مجالا لشيء ينغص علي فرحتي بعمرتي .. أنا لا أدري هل نطق لساني بتلك العبارة أم كانت حديث نفس (و أظن أنني كنت أقصدها عندما قلتها) .. و الآن أنا نادمة أشد الندم على ما قلت ، و أخشى أن هذا الفعل مني قد تسبب في فساد عمرتي والتي -يشهد الله- أني ما أديتها إلا لوجهه .. فما رأيك شيخنا الفاضل في عمرتي؟! أهي صحيحة أم لا ؟ و هل تنصحني باتباع الحديث (دع مايريبك إلى مالا يريبك) في حالتي هذه ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعمرتك صحيحة إن شاء الله تعالى ونسأل الله لك القبول , وتضايقك وخوفك من الرياء وخوفك من عدم قبول العمل دليل على إخلاصك إن شاء الله تعالى وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير قوله تعالى { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون }: هم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات .
وقولك في نفسك ( لا يهمني ... إلخ ) لا إثم عليك فيه لأنه حديث نفس وقد رفع عن الأمة ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل , والذي ننصحك به هو الإكثار من دعاء الله تعالى بقبول العمرة وسائر الأعمال الصالحة ولا تفتحي على نفسك باب الوسوسة والخوف المفرط فإن المؤمن يخاف ربه ويرجوه وقد وعد الله عباده بقبول أعمالهم الصالحة فقال: { ولن يتركم أعمالكم } أي لن يحبطها ويبطلها ويسلبكم إياها، بل يوفيكم ثوابها ولا ينقصكم منها شيئا , وكما قال تعالى: { فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون } أي: لا يكفر سعيه، وهو عمله، بل يشكر، فلا يظلم مثقال ذرة؛ ولهذا قال: { وإنا له كاتبون } أي: يكتب جميع عمله، فلا يضيع عليه منه شيء , وكما قال تعالى: {إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا } ، فاجمعي أيتها السائلة بين الخوف والرجاء وأحسني الظن بالله تعالى .

والله أعلم.
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات