السؤال
هل تعد مسألة دفع مبلغ من المال صدقة عند غيبة أحد من المسلمين حلا شرعيا للتخلص من الغيبة، أم إن ذلك قد يكون رغبة في المال وليس لله، وبالتالي لا يكون أمرا مشروعا أو مما لا يؤجر عليه صاحبه؟
هل تعد مسألة دفع مبلغ من المال صدقة عند غيبة أحد من المسلمين حلا شرعيا للتخلص من الغيبة، أم إن ذلك قد يكون رغبة في المال وليس لله، وبالتالي لا يكون أمرا مشروعا أو مما لا يؤجر عليه صاحبه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الغيبة محرمة بالكتاب والسنة والإجماع، وعدها كثير من العلماء من الكبائر، وقد سبق بيان التوبة منها في الفتوى رقم:171183، والفتوى رقم :121422، لذلك يجب تجنبها والابتعاد عنها امتثالا لأمر الله واجتنابا لما نهى عنه، سواء ألزم نفسه بشيء أم لا، وإذا التزم صدقة عندما يغتاب أحدا، إن كان باللفظ فهو نذر لجاح، وقد سبق بيان الراجح فيه في الفتوى رقم:17762، وإن لم يكن باللفظ فلا يلزم منه شيء، والظاهرأن ترك الغيبة هنا لا يضاف إلى خشية دفع الصدقة فقط، لأن الحامل على التزام الصدقة أصلا هو حمل النفس على اجتناب الغيبة والتخلص منها وهو مقصد شرعي حسن، وانظر الفتوى رقم:111776 ومع هذا فلا ينبغي للمسلم أن يجعل النذر هو المانع من ارتكاب المعصية لأنه قد يعتاد ذلك، حتى لا يدع المحرم إلا بنذر؛ بل عليه أن يجعل المانع من المعصية والحاجز بينه وبينها هو خوف عقاب الله تعالى بحيث يدع المعاصي دون نذر.
ففي اللقاء الشهري للشيخ محمد بن صالح العثيمين جوابا لسائل قال: أنا شاب نذرت على نفسي أن أترك المعصية ونذرت سبع مرات، كلما أنذر أعود لتلك المعصية، فأنذر على نفسي تركها، هل علي ذنب، وهل له كفارة، وهل يجوز لي الحج قبل الكفارة؟
فأجاب: أولا: أنصح أخانا ألا يجعل الحامل له على ترك المعصية النذر؛ لأنه يعتاد هذا، حتى لا يدع المحرم إلا بنذر، والله عز وجل يقول في كتابه: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة} [النور:53] يعني: أطيعوا طاعة معروفة بدون يمين ولا حاجة للقسم، كذلك لا حاجة للنذر، اجعل عندك عزيمة قوية لتستطيع أن تدع هذه المعصية بدون نذر، هذا هو الأفضل والأولى، ولكن إذا نذرت ألا تفعل المعصية ثم فعلتها؛ فعليك أن تستغفر الله وتتوب من هذه المعصية ولا تعود إليها، وعليك أن تكفر عن النذر كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، أي: عتق رقبة، وإطعامهم يكون مما يأكل الناس: {من أوسط ما تطعمون أهليكم} [المائدة:89] وأوسط ما نطعم اليوم هو الرز، تطعم عشرة أنفار من الفقراء أرزا عشاء أو غداء، وإن شئت وزعه عليهم غير مطبوخ، تعطي كل واحد مثلا حوالي كيلو ومعه شيء من اللحم يأدمه، وبذلك ينحل النذر. والخلاصة أنه لا ينبغي للإنسان أن تكون طاعته لله مربوطة بالنذر، كلما أراد أن يترك المعصية نذر، بل تكون له عزيمة وقوة فيدع المعاصي بدون نذر. والله أعلم.