السؤال
أنا شاب في مقتبل العمر كنت أمارس العادة السرية منذ صغري، والآن أصبت بضعف جسدي شديد، فهل لي توبة بعد ما فعلت بنفسي لأنني تماديت على فعلها كثيرا، وقد توقفت عنها منذ ما يزيد عن العام، ولكن جسدي في حالة تدهور مستمر، فكيف أتوب من ما فعلت بنفسي إذا لم أكن قادرا جسديا على فعلها أن أحفظ نفسي منها.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن باب التوبة مفتوح للعبد إذا تاب مخلصا إلى الله تعالى، فقد قال الله تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون {الشورى:25}.
وقال: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى {طه:82}.
وقال: وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم {الأنعام:54}.
وقال: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر:53}.
وقال: ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم {النحل:119}.
والتوبة مقبولة ـ إن شاء الله ـ حتى لو عجز التائب عن مقارفة المعاصي وقت التوبة، كما قال العلامة محمد مولود في نظم المطهرة في كلامه على شروط التوبة:
وشرطها استحلاله للآدمي من حقه الظاهر غير الحرمى
ونحوه إن تستطع تحلله منه ولا بد من أن تفصله له
وتكفي في ذنوب مجمله ومنكر عجز أن يعود له.
هذا ونوصيك بالإكثار من الاستغفار، فإن الله وعد المستغفرين بأن يزيدهم من القوة، كما قال تعالى: استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين {هود: 52 }.
وقد ذكر ابن رجب أن الاستغفار فيه دواء الذنوب، فقال في جامع العلوم والحكم: وقال الحسن: أكثروا من الاستغفار في بيوتكم وعلى موائدكم وفي طرقكم وفي أسواقكم وفي مجالسكم وأينما كنتم, فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة.... قال أبو هريرة: إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم ألف مرة وذلك على قدر ديتي, وقالت عائشة رضي الله عنها: طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا، قال أبو المنهال: ما جاور عبد في قبره من جار أحب إليه من استغفار كثير، وبالجملة فدواء الذنوب الاستغفار, وروينا من حديث أبي ذر مرفوعا: إن لكل داء دواء، إن دواء الذنوب الاستغفار، قال قتادة: إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، فأما داؤكم فالذنوب، وأما دواؤكم فالاستغفار، وقال بعضهم: إنما معول المذنبين البكاء والاستغفار، فمن أهمته ذنوبه أكثر لها من الاستغفار، قال رباح القيسي: لي نيف وأربعون ذنبا قد استغفرت الله لكل ذنب مائة ألف مرة.... انتهى.
والله أعلم.