حكم زواج تارك الصلاة وحكم طلاقه

0 377

السؤال

كنت فيما قبل لا أصلي، وتزوجت امرأة لا تصلي هي الأخرى، وبعد شهرين طلقتها ثم راجعتها، ثم طلقتها ثانية ثم راجعتها، كل هذا ونحن لا نصلي، إلى أن هداني الله رب العالمين بهدايته، كنت قد قرأت في كتاب فتاوى مهمة لعموم الأمة أن الرجل الذي لا يصلي لا يحل للزوجة ويجب عليها الطلاق إلا إذا تاب، فاشترطت على زوجتي الحجاب والصلاة وإلا فالطلاق، فرفضت فكان الطلاق، والسؤال: هل هذا الزواج في الأصل جائز؟ وإذا كان غير جائز، فهل أستطيع أن أرد الزوجة بشرط أن تتوب إلى الله وتصلي وتتحجب؟ وما الذي يجب على الزوج أن يفعله إذا راجع زوجته بعد الطلاق، وإن تم وراجعها دون أن يفعل ما يستلزمه الشرع، فما هو الحكم إذا؟ أتمنى من العلي القدير أن يهدينا الصراط المستقيم، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه. تذكير: أنا مؤمن بأن تارك الصلاة في حكم الكافر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب أن ترك الصلاة من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب، فإن الصلاة عماد الدين ولا حظ في الإسلام لمن ضيعها، لكن الجمهور على أن من تركها من غير جحود فلا يكفر بذلك كفرا مخرجا من الملة، وانظر الفتوى رقم: 177285.

وعليه، فإذا كان ترككما للصلاة عن كسل وليس عن جحود لها فالنكاح صحيح، وانظر الفتوى رقم: 60955.

وما دام النكاح صحيحا فالطلاق معتبر، وتكون زوجتك قد بانت منك بالطلقات الثلاث ولا سبيل لك إليها إلا إذا تزوجت زوجا غيرك ـ زواج رغبة لا زواج تحليل ـ ويدخل بها الزوج الجديد ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه، لكن في قولك: أنا مؤمن بأن تارك الصلاة في حكم الكافر ـ إجمال يحتاج إلى تفصيل، فهل تقصد به أنك وقت تركك للصلاة كنت تعتقد كفر تاركها ثم تجاسرت على تركها مع ذلك الاعتقاد فيكون الأمر إذا أشد وأخطر، فقد نص أهل العلم على أن من أقدم على فعل مع اعتقاده بأنه مكفر وقع في الكفر، جاءفي  رد المحتار ـ وهو من كتب الحنفية: إذا باشر الفعل معتقدا أنه يكفر بمباشرته فإنه يكفر وقت مباشرته لرضاه بالكفر. اهـ

أم أن هذا الاعتقاد طرأ عليك بعد ما تبت وعلى كل منهما، فإن الأمر يحتاج إلى مشافهة أهل العلم بحقيقة الواقع حتى يستفصلوا عما يحتاج إلى تفصيل، ولا نسطيع أن نحكم على من صدر منه فعل مكفر بأنه كافر، ولذلك فإننا ننصح السائل بمشافهة أهل العلم أو الرجوع إلى المحكمة الشرعية في قضيته هذه، وأخيرا ننبهك إلى أنه لا يجوز لمن اعتقد صحة النكاح أن يرجع ويبني على بطلانه حكما يوافق رغبته، فإن ذلك غير جائز، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وليس لأحد بعد الطلاق الثلاث أن ينظر في الولي هل كان عدلا أو فاسقا، ليجعل فسق الولي ذريعة إلى عدم وقوع الطلاق، فإن أكثر الفقهاء يصححون ولاية الفاسق، وأكثرهم يوقعون الطلاق في مثل هذا النكاح، بل وفي غيره من الأنكحة الفاسدة، وإذا فرع على أن النكاح فاسد، وأن الطلاق لا يقع فيه، فإنما يجوز أن يستحل الحلال من يحرم الحرام، وليس لأحد أن يعتقد الشيء حلالا حراما وهذا الزوج كان يستحل وطأها قبل الطلاق، ولو ماتت لورثها، فهو عامل على صحة النكاح، فكيف يعمل بعد الطلاق على فساده؟ فيكون النكاح صحيحا إذا كان له غرض في صحته، فاسدا إذا كان له غرض في فساده، وهذا القول يخالف إجماع المسلمين فإنهم متفقون على أن من اعتقد حل الشيء، كان عليه أن يعتقد ذلك سواء وافق غرضه أو خالفه، ومن اعتقد تحريمه كان عليه أن يعتقد ذلك في الحالين، وهؤلاء المطلقون لا يفكرون في فساد النكاح بفسق الولي إلا عند الطلاق الثلاث، لا عند الاستمتاع والتوارث، يكونون في وقت يقلدون من يفسده، وفي وقت يقلدون من يصححه؛ بحسب الغرض والهوى، ومثل هذا لا يجوز باتفاق الأمة. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة