السؤال
رجل كان يشرب الخمر ويدمن عليها، ولم يكن يعلم بما يترتب عليها سوى أنها حرام، وبعد أن أعلمته أنه لا تقبل له صلاة أو عمل صالح لمدة 40 يوما تاب من ذلك، وفي يوم ذهب إلى البار وشربها من غير قصد يظن أنه نوع آخر غير مسكر، ثم تاب مرة أخرى، وحدث له حادث سيارة، ومن شدة الألم شربه لكي لا يشعر بالألم، وقد شرب النوع الذي تستخدمه المستشفيات للتخدير، ولم يشربه مرة أخرى وبعدها بشهر شربها، لأنه لا يستطيع تركها فجأة، لأنه كان من المدمنين، والسؤال: هل يجوز تركها بالتدريج؟ أم يجب قطعها مرة واحدة فهو كل ما حاول عاد إليها، لأنه لا يستطيع تركها مرة واحدة، وخصوصا أنه مغترب عن بلاده حاليا بأمريكا؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على هذا الرجل المبادرة فورا إلى التوبة من شرب الخمر، وشروط التوبة هي الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة إليه مستقبلا، وتراجع الفتوى رقم: 5450.
فالأصل إذن أن يترك شرب الخمر رأسا القليل منه والكثير، وأنه لا تصح توبته إلا بذلك، ونوصيه بأن يصدق مع الله فهو يصدق من صدقه، قال تعالى: فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم {محمد:21}.
وعليه أن يلتجيء إليه بالتضرع والدعاء، فهو لا يخيب من رجاه، قال سبحانه: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}.
نرجو مراجعة آداب الدعاء وشروطه بالفتوى رقم: 119608.
ومما يعين على صدق التوبة مصاحبة الصالحين واجتناب رفقاء السوء والبيئة الفاسدة، وتراجع الفتويان رقم: 2007 152931، وهما عن حكم الإقامة في بلاد الكفر.
وكما ذكرنا سابقا أن الأصل أن يقلع عن شرب الخمر بالكلية، وأما التدرج في تركها شيئا فشيئا فلا يجوز المصير إليه إلا إذا تعين سبيلا لتركها بحيث يخشى عليه ضرر كبير بتركها في الحال مثلا، قال ابن حجر المكي في تحفة المحتاج عند كلامه على الحشيشة ونحوها من الجامدات المحرمة: ولا حجة لمستعملي ذلك في قولهم: إن تركنا له يؤدي للقتل فصار واجبا علينا، لأنه يجب عليهم التدرج في تنقيصه شيئا فشيئا، لأنه مذهب لشغف الكبد به شيئا فشيئا إلى أن لا يضره فقده، كما أجمع عليه من رأيناهم من أفاضل الأطباء، فمتى لم يسعوا في ذلك التدريج فهم فسقة آثمون لا عذر لهم... .اهـ.
والله أعلم.