الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبداية ستكون ببيان أحكام ما على الميت من ديون وكفارات ونحوها من الحقوق التي تؤدى عن الميت من تركته قبل قسمها, وذلك على النحو التالي:
1ـ تقضي ديونه, لقوله تعالى : من بعد وصية يوصي بها أو دين {النساء:11}، وتؤدى عنه الزكوات التي مات بعد وجوبها عليه, وكذلك ما عليه من كفارات الأيمان, يخرج كل ذلك من تركته قبل القسمة, وراجع الفتوى رقم : 69693, والفتوى رقم : 58005.
3- بخصوص زوجته التي مات قبل الدخول بها فلها المهر المسمى لها, فإن لم يكن قد سمى لها مهرا استحقت مثل مهر مثلها, ولها الميراث. جاء في الموسوعة الفقهية: "اتفق الفقهاء على أن أحد الزوجين إذا مات حتف أنفه قبل الدخول في نكاح فيه تسمية مهر أنه يتأكد المسمى؛ سواء كانت المرأة حرة أو أمة؛ لأن المهر كان واجبا بالعقد؛ والعقد لم ينفسخ بالموت؛ بل انتهى نهايته؛ لأنه عقد للعمر؛ فتنتهي نهايته عند انتهاء العمر؛ ولأن كل المهر لما وجب بنفس العقد فصار دينا عليه - والموت لم يعرف مسقطا للدين في أصول الشرع - فلا يسقط شيء منه بالموت كسائر الديون" انتهى
وجاء في روضة الطالبين للإمام النووي: "مات أحد الزوجين قبل الفرض والمسيس، فهل يجب مهر المثل أم لا يجب شيء؟ فيه خلاف مبني على حديث بروع بنت واشق، أنها نكحت بلا مهر، فمات زوجها قبل أن يفرض لها، فقضى لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمهر نسائها والميراث...إلى أن قال: قلت: الراجح ترجيح الوجوب، والحديث صحيح رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، ولا اعتبار بما قيل في إسناده، وقياسا على الدخول، فإن الموت مقرر كالدخول، ولا وجه للقول الآخر مع صحة الحديث. والله أعلم. انتهى
وفيما يتعلق بتقسيم التركة فهو على النحو التالي:
1ـ للزوجة الربع؛ لعدم وجود فرع للميت، قال تعالى: ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد {النساء:12}.
2ـ للأم السدس؛ لوجود إخوة للميت، قال تعالى: فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين {النساء:11}،
وما بقي يأخذه الأب تعصيبا, وتقسم التركة على اثني عشر سهما:
للأم: سدسها " سهمان "
وللزوجة: الربع " ثلاثة أسهم "
والباقي يأخذه الأب تعصيبا.
ولا شيء للجدة لأنها محجوبة حجب حرمان بالأم, كما أن الإخوة والأخوات والأعمام محجوبون عن الإرث لوجود الأب.
ثم إننا ننبه السائلة إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية, وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذن قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.