السؤال
رأيت كلبا يأكل طعاما على طبق بلاستيكي ملقى على الأرض, ثم رأيت قططا تأكل من نفس الطعام بعده, وكما هو معلوم فإن القط طاهر, والقطط تقوم بلعق نفسها كثيرا خلال اليوم, وسؤالي: هل تتنجس أفواه القطط وأنوفها في هذه الحالة المذكورة؟
وهل يجب أن نغسل أفواه هذه القطط سبع مرات إحداهن بالتراب؟
علما بأنه لا يوجد أثر أو بقايا للطعام على فم وأنف أو أرجل القطط, خصوصا بعد أيام وأسابيع عديدة من أكلها لهذا الطعام.
الغرض من سؤالي: أني كثيرا ما أداعب هذه القطط, وفي أحيان كثيرة تلعق يدي وملابسي, وألمس رطوبة أنفها أو تعضني, أو تكون يدي مبتلة عندما ألاعبها, فهل تتنجس يدي أو ملابسي لو داعبت هذه القطط حتى لو مر زمن على الحدث المذكور؟
بارك الله فيكم, وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح والمفتى به عندنا نجاسة الكلب, وكذلك سؤره, كما سبق بيانه في الفتوى رقم : 4993، لكن إذا كان الطعام جامدا فلا يتنجس منه إلا ما لامسه الكلب بفمه, أو أصيب بشيء من رطوبته، وعليه فإذا لم يعلم أن القطط المذكورة باشرت الموضع الذي أصابه الكلب من الطعام فلا يحكم على فمها بالنجاسة لعدم التحقق من ذلك، وبالتالي لا يتنجس ما مسته من بدنك أو ملابسك، عملا بالأصل وهو عدم النجاسة بناء على ما استظهره النووي من الخلاف فيما لم تتحقق طهارته ولا نجاسته, والغالب في مثله النجاسة فقال: الشيء الذي لا يتيقن نجاسته ولا طهارته والغالب في مثله النجاسة فيه قولان لتعارض الأصل والظاهر، أظهرهما الطهارة عملا بالأصل... اهــ .
ولو تم التحقق من نجاسة فم القطة, وكانت قد غابت عنك واحتمل أنها ولغت في ماء فإنه لا يحكم بعد تلك الغيبة بنجاسة ما لاقته عند كثير من الفقهاء, قال ابن حجر الهيثمي في الفتاوى الفقهية الكبرى:
فإذا غابت واحتمل طهر فمها كما ذكر ثم عادت وولغت في ماء قليل أو مائع أو مست بفمها ثوبا مثلا فلا يحكم بنجاسة ما لاقى فمها وإن كان باقيا على نجاسته لأن الأصل بقاؤها وإنما لم نحكم بنجاسة ما لاقى فمها مع الحكم بنجاسته أعني الفم عملا بالأصلين المتعارضين لأن الأصل فيما مسته الطهارة والأصل في فمها النجاسة ولكن بغيبتها ضعف أصل النجاسة فلم يؤثر التنجيس فبقي ما مسته على طهارته إذ لا يلزم من النجاسة التنجيس ... اهـ ولا شك أن غيبتها أياما أو أسابيع كما ذكر السائل مظنة أنها ولغت وشربت من الماء فيحكم بطهارة سؤرها وما لاقته بعد ذلك.
بل من الفقهاء من ذهب إلى أن فمها يطهر بريقها, واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية فقد قال رحمه الله تعالى في الاختيارات الفقهية:
وإذا أكلت الهرة فأرة ونحوها فإذا طال الفصل طهر فمها بريقها لأجل الحاجة, وهذا أقوى الأقوال واختاره طائفة من أصحاب أحمد وأبي حنيفة, وكذلك أفواه الأطفال والبهائم .. اهــ
وجاء في الموسوعة الفقهية: وإذا أكلت الهرة ونحوها نجاسة ثم شربت من ماء يسير بعد أن غابت فالماء طاهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نفى عنها النجاسة ، وتوضأ بفضلها مع علمه بأنها تأكل النجاسات, وكذا إن شربت قبل أن تغيب فسؤرها طاهر كذلك في الراجح؛ لأن الشارع عفا عنها مطلقا لمشقة التحرز ... اهــ
وبناء عليه، فإنه لا يحكم بنجاسة فم تلك القطة, ولا بنجاسة ما لاقته من ثيابك أو غيرها.
والله تعالى أعلم.