السؤال
لقد استفدت كثيرا من الفتاوى في هذا الموقع, لكن وجدت أن الفتوى 188911 و 148723 في جانب ، والفتوى 171867 في جانب آخر، ولم أجد سبيلا للجمع بينهما؛ لذلك نرجو منكم البيان كيف نوفق ونجمع بين قول صاحب المغني في الفتوى 171867 وبين قول صاحب الروض المربع في الفتوى 188911 و 148723)؟
كيف نوفق ونجمع بين قول صاحب المغني:"...فإنه لا يحكم بإسلامه بصلاته، لأنه يعتقد وجوب الصلاة..." وبين قول صاحب الروض المربع: " فإن صلى فمسلم حكما, فإن صلى الكافر على اختلاف أنواعه في دار الإسلام.... "
هل معنى قول صاحب الروض المربع: " فإن صلى فمسلم حكما " أنه ليس مسلم حقيقة, بل مسلم حكما في الدنيا فقط, وليس بمسلم في الآخرة؟
وهل هناك اختلاف للعلماء في هذه المسألة؟
وهل قول صاحب الروض المربع: " فإن صلى فمسلم حكما " فيمن كفره بترك الصلاة فقط؟ وأما من كان كفره باعتقاد الكفر كما ذكر في السؤال: 2368922, أو الفتوى 188911 فتوبته ليس بالصلاة فقط، بل لا بد من نطق الشهادتين؟ وبالتالي كيف بما في الفتوى 188911؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فمعنى قول الفقهاء في الكافر إذا صلى " مسلم حكما " أي نحكم بإسلامه أخذا بالظاهر، ونعامله معاملة المسلمين, وأما الباطن وحقيقة أمره فمرده إلى الله تعالى.
ولا تعارض بين قول صاحب المغني وبين قول صاحب الروض, ولو أنك قرأت كلام صاحب المغني من أول الفصل الذي عقده لهذه المسألة لعلمت أنه مطابق لكلام صاحب الروض حيث إنه ذكر أن الكافر يحكم بإسلامه بأداء الصلاة, إلا إذا كانت ردته بجحد فرض آخر, أو سب نبي ونحوه, فإنه لا يحكم بإسلامه بمجرد الصلاة, ونحن ننقل لك كلامه فقد قال في المغني:
وإذا صلى الكافر حكم بإسلامه، سواء كان في دار الحرب أو دار الإسلام أو صلى جماعة أو فرادى, وقال الشافعي: إن صلى في دار الحرب حكم بإسلامه، وإن صلى في دار الإسلام لم يحكم بإسلامه؛ لأنه يحتمل أنه صلى رياء وتقية, ولنا أن ما كان إسلاما في دار الحرب كان إسلاما في دار الإسلام كالشهادتين، ولأن الصلاة ركن يختص به الإسلام، فحكم بإسلامه به كالشهادتين ...... ولا فرق بين الأصلي والمرتد في هذا؛ لأن ما حصل به الإسلام في الأصلي، حصل به في حق المرتد كالشهادتين؛ فعلى هذا لو مات المرتد فأقام ورثته بينة أنه صلى بعد ردته حكم لهم بالميراث، إلا أن يثبت أنه ارتد بعد صلاته أو تكون ردته بجحد فريضة، أو كتاب، أو نبي، أو ملك، أو نحو ذلك من البدع التي ينتسب أهلها إلى الإسلام فإنه لا يحكم بإسلامه بصلاته؛ لأنه يعتقد وجوب الصلاة، ويفعلها مع كفره، فأشبه فعله غيرها .. اهــ. وقد ذكر صاحب الروض أن من كفر بسبب جحد فرض ونحوه فتوبته بالإقرار حيث قال في باب حكم المرتد: ومن كان كفره بجحد فرض ونحوه كتحليل حرام، أو تحريم حلال, أو جحد نبي, أو كتاب, أو رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى غير العرب, فتوبته مع إتيانه بـالشهادتين إقراره بالمجحود به من ذلك؛ لأنه كذب الله سبحانه بما اعتقده من الجحد، فلا بد في إسلامه من الإقرار بما جحده .. اهــ
والله تعالى أعلم.