السؤال
قد اشتريت سيارة من سوق الحراج بالصناعية, وهو سوق يباع فيه بالمزاد العلني, أي: دون فحص للسيارة, أي: أن المشتري يفحص السيارة نظريا وهي واقفة مكانها, والبائع أيضا لا يظهر عيوب السيارة, وقد اشتريت السيارة من هذا السوق, وبالفعل وجدت بها عيوبا كثيرة, ولا يحق لي أن أرجع للبائع؛ لأنه من المعروف أن السيارات التي تشتريها بها عيوب, لكن العيوب لا تعرف, وقمت بإجراء بعض الإصلاحات بها, واستخدمتها لمدة 10 شهور تقريبا, وفي هذه الأيام وجدت أن عيبا من هذه العيوب التي اشتريت السيارة بها بدأ يزداد,
فهل يجوز لي أن أبيع السيارة في هذا السوق الذي اشتريته منه؟ وهل يكون علي إثم؟ مع العلم أن هذا المكان لا تذكر فيه العيوب.
أفادكم الله, ووفقكم لما فيه الصلاح والخير والرشاد.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل حرمة كتمان ما يعلم البائع من العيوب عن المشتري؛ لما في ذلك من الغش والتدليس, روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام, فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء - المطر - يا رسول الله، قال: ألا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني. فدل الحديث على تحريم الغش وكتمان العيوب في البيوع, وقد بينا ما يترتب عليه في الفتوى رقم: 132377.
والبيع على الصفة المذكورة يسمى بالبيع على البراءة من العيوب, وقد اختلف العلماء في لزوم الشرط فيه, وهل للمشتري الرد لو اطلع على عيب سواء أكان مما يعلمه البائع أو مما يجهله؟ والراجح عدم لزوم الشرط, كما بينا في الفتوى رقم: 57425.
وبالتالي فلا يجوز لك كتمان العيب المذكور أو غيره مما اطلعت عليه إذا أردت بيع سيارتك, وصدقك مع المشتري وتبيين العيوب له سبب في جلب البركة, وضده ممحقة لها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" أو قال: "حتى يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما" متفق عليه.
والله أعلم.