حاجة الله إلى العباد أي مراده ومطلوبه منهم

0 239

السؤال

وقال ابن مسعود لرجل: "داو قلبك، فإن حاجة الله إلى العباد صلاح قلوبهم" أي: مراده منه ومطلوبه منهم أن تصلح قلوبكم.
هل صح هذا الأثر عن ابن مسعود رضى الله عنه؟ وهل يقال حاجة الله ؟!!

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فإن هذا الأثر ينسب للحسن البصري؛ ولم نجد من عزاه لغيره فيما اطلعنا عليه.

جاء في أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور: وروى ابن أبي الدنيا عن الحسن أنه مر به شاب وعليه بردة له حسنة فقال: ابن آدم معجب بشبابه؛ معجب بجماله؛ كأن القبر قد وارى بدنك؛ وكأنك لاقيت عملك؛ ويحك داو قلبك، فإن حاجة الله إلى عباده صلاح قلوبهم.

وقد أورد هذه المقولة عن الحسن البصري جماعات من العلماء, لكن انفرد الشيخ أحمد فريد في نقله عن ابن مسعود.

جاء في دروس الشيخ أحمد فريد (2/ 26، بترقيم الشاملة آليا):  يقول عبد الله بن مسعود لرجل: داو قلبك، فإن حاجة الله إلى العباد صلاح قلوبهم، أي: مراد الله عز وجل من العباد صلاح قلوبهم.

وقد فسر معنى هذه المقولة بعض العلماء وبينوا ما المراد بحاجة الله. 

جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: يعني أن مطلوب الرب من العباد، صلاح قلوبهم من المحن والفساد، ولا صلاح للقلوب، حتى تستقر فيها معرفة علام الغيوب، وتمتلئ من خوفه وخشيته ومحبته، وعظمته، والتوكل عليه ومهابته، والالتجاء إليه، وهذا حقيقة التوحيد لله تعالى، وهو معنى (لا إله إلا الله) فلا صلاح للقلوب حتى تفرد محبة المحبوب.

وفي تفسير ابن رجب الحنبلي: قال الحسن لرجل: داو قلبك " فإن حاجة الله إلى العباد صلاح قلوبهم. يعني: أن مراده منهم ومطلوبه صلاح قلوبهم، فلا صلاح للقلوب حتى تستقر فيها معرفة الله، وعظمته، ومحبته، وخشيته، ومهابته، ورجاؤه، والتوكل عليه، وتمتلئ من ذلك، وهذا هو حقيقة التوحيد، وهو معنى "لا إله إلا الله "، فلا صلاح للقلوب حتى يكون إلهها الذي تألهه وتعرفه، وتحبه، وتخشاه، هو الله وحده لا شريك له، ولو كان في السماوات والأرض إله يؤله سوى الله، لفسدت بذلك السماوات والأرض، كما قال تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلأ الله لفسدتا) . فعلم بذلك أنه لا صلاح للعالم العلوي والسفلي معا حتى تكون حركات أهلها كلها لله، وحركات الجسد تابعة لحركة القلب وإرادته، فإن كانت حركته وإرادته لله وحده، فقد صلح وصلحت حركات الجسد كلها، وإن كانت حركة القلب وإرادته لغير الله تعالى، فسد، وفسدت حركات الجسد بحسب فساد حركة القلب.

وعليه فلا بأس إذن أن يقال حاجة الله بهذا المعنى، وقد جاء في الحديث الصحيح, عن معاذ بن أنس قال: لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببيعة الرضوان كان عثمان رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل مكة، فبايع الناس، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله، فضرب إحدى يديه على الأخرى ....." رواه أحمد والترمذي وغيرهما. 
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات