تغير نظرة الناس عن الشخص ورميه بالتهم الباطلة... الأسباب والنصائح

0 321

السؤال

أكتب إليكم اليوم - إخواني - والله يعلم بوضعي النفسي بعد المشاكل التي أتعرض لها دائما، وقد كنت أريد الحصول على استشارة منكم, ولكنني كنت أماطل دائما؛ حتى رأيت نفسي غير قادر على تحمل المزيد, وقد بلغ السيل الزبى.
إخواني الكرام: أود الحصول على استشارة منكم؛ كونكم على دراية تامة، والقصة بدأت معي منذ شهر ونصف الشهر أو شهرين تقريبا حينما بدأت أشعر بتغير نظرات الناس حولي لي، فنظراتهم بدأت تتغير تماما، وحتى أسلوبهم؛ فلو مررت بشارع ما فإني أستغرب من نظرات بعض الناس لي، والبعض يرفض النظر إلي؛ مما جعلني في حيرة من أمري: هل قمت بشيء هو عار علي؟! أم هل ارتكبت كبيرة اجتماعية حتى يهاجمني أولئك الناس بنظراتهم؟! والله العظيم إن وضعي النفسي قد تردى كثيرا، وبدأت أسأل نفسي ما الذي فعلته حتى ينظر الناس إلي بتلك النظرات، بل إن أسلوب الكثير منهم في المعاملة قد تغير، وأنا أعتقد أن أحد الأشخاص قد اطلع على شائعة ما, وسرعان ما انتشرت هذه الشائعة الباطلة المكذوبة بين الناس؛ مما جعلهم ينظرون إلي أني شخص سيء، وأنا ما زلت حتى هذا اليوم أجهل ما الذي يعلمه الناس عني, ولست قادرا على سؤال أي شخص: ما الذي سمعته عني؟ لماذا تغيرت نظراتك لي؟ والله إني لا أستطيع أن أسأل هذين السؤالين، لأنني أعلم أنني لن أكون قادرا على تحمل الجواب الذي سأسمعه، وأعتقد أن بعض الأشخاص قد أطلقوا علي إشاعة العميل – الجاسوس - ولا أعلم ما الذي دفعهم لإطلاق إشاعة كهذه عني, ولكنني متأكد تماما أن هذه الشائعة التي أطلقها البعض عني سرعان ما انتشرت كما ينتشر النار في الهشيم؛ مما دفعني لسؤال نفسي عدة أسئلة: هل هذا غضب من الله وانتقام أم هو ابتلاء؟ وقد كنت قبل حوالي سنة شخصا متدينا لا أفارق الجامع، ولكنني تكاسلت فيما بعد عن الذهاب للجامع, فبت أصلي في منزلي، كما أنني قد امتنعت عن سماع الأغاني في البداية, وعن ممارسة العادة السرية, وكنت قد أقسمت لله سبحانه وتعالى بذلك، لكنني عدت لهما بعد أن ابتعدت عن الصلاة في المسجد، وكنت قد حلفت عدة مرات بأنني لن أمارس العادة المشؤومة, ولكنني عدت لها، وأنا أقارن أحيانا بين نفسي قبل وبين نفسي اليوم، فهل ابتعادي عن الله كان سببا في غضبه علي؟، وهل يغضب الله على عباده بأن يعاقبهم عقوبة كهذه؟ وأنا لا أستطيع إلا أن أقول: (حسبنا الله ونعم الوكيل)، وأرجو من الله سبحانه وتعالى أن يغفر لي ذنبي، ولكنني هنا لآخذ منكم الاستشارة؛ فوضعي النفسي مترد تماما، وهل أدعو على الشخص الذي تسبب لي بهذه التعاسة؟ وأنا لا أعلم إن كانت الإشاعة التي أطلقها عني هي أنني جاسوس أو أي إشاعة سيئة أخرى، ولكن الله يعلم بأنني لم أخن وطني أبدا, ولن أخونه، ولا أعلم ما الدافع الذي دفع ذلك الشخص ليقول ذلك الكلام عني، ولكني مرة أخرى أقول: (حسبنا الله ونعم الوكيل)، وإن كانت هذه عقوبة من الله سبحانه وتعالى بأن جعل أحد الأشخاص يطلق تلك الشائعة عني، فهل سيحاسب هذا الشخص على فعلته وعلى ظلمه لي بالدنيا والآخرة؟ أم أن الدعاء عليه لن ينفع لأنني ظلمت نفسي أساسا بالابتعاد عن الله.
أرشدوني - جزاكم الله خيرا – وشكرا لكم مقدما.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله تعالى أن يفرج همك, وأن يكشف غمك, وأن يصلح لك الحال والمآل, إنه سبحانه ولي مجيب.

أما بخصوص ما لاحظته من تقلب الحال, وتغيرك في أعين الناس: فلا نعرف سببه, لكن للذنب شؤما قد يلحظه الإنسان في ما  حوله، وقد قال عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورا في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق, وإن للسيئة سوادا في الوجه، وظلمة في القبر والقلب، ووهنا في البدن، ونقصا في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق.

وقال ابن القيم: ومن عقوبات الذنوب أنها تزيل النعم, وتحل النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا بسبب ذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب.

وبكل حال فنحن في هذا الشأن ننصحك بأمور ثلاثة:

1 - أن تصلح ما بينك وبين الله تعالى فتتوب من الذنوب, وتندم على ما فرطت في جنب الله, وتعقد العزم الصادق على عدم العود إلى الذنب أبدا، ثم لتواظب على الصلوات الخمس ما استطعت في المسجد، ولتستقم على ذلك، ولا تبال إلا برضى الله تعالى, فهو سبحانه حسبك وكافيك، وإذا أنت أخذت بهذا فلن تلاقي إلا خيرا إن شاء الله تعالى.

2 - أن تحتسب على الله تعالى ما أنت فيه من كرب وهم, فلا يضيع مع الصبر بلاء كيفما كان، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ما ‏يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى ‏الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. رواه البخاري ومسلم

3 - أن تثق من نفسك, وأن تهون عليك, وتريح خاطرك مما أنت فيه من عناء، فشأن الناس أهون من أن تتخيله، ولا تقلق لأي تهمة كيفما كانت طالما أنك بريء منها، ولا تهتم بمن أطلقها - فلانا كان أو علانا - ومع هذا فلك أن تدفع التهم عن نفسك, وتبين للناس براءتك منها.

أما عن حكم من ظلمك بهذه الإشاعة - إن صدق ما تظنه - فوزره عليه, وحقك عليه ثابت حتى يضمكما الموقف بين يديه سبحانه, أو تغفر له، فديوان العباد لا يغفل الله منه شيئا.

ولك أن تدعو عليه بأن يأخذ الله حقك منه, ولا إثم في ذلك، وإن كان انتصارا ينقص المثوبة والأجر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات