السؤال
قمت ببيع قطعة أرض لأحد الاشخاص قبل أكثر من اثني عشر عاما، وسلمته المستندات الخاصة بالقطعة، إلا أن المبايعة لم تكتمل بشكل رسمي، وفي العام 2013 اكتشفت أن القطعة لا تزال مسجلة باسمي في تسجيلات الأراضي، والشخص المشتري توفي لرحمة مولاه قبل أكثر من عشر سنوات، ولا أعلم له ورثة. فماذا أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإذا كان البيع قد تم حقيقة بينكما بالإيجاب والقبول، فإن تلك الأرض تكون ملكا للمشتري حتى ولو لم يتم تسجيلها رسميا في الدوائر الرسمية أو السجل العقاري, وتكون بعد وفاته لورثته, ولو فرض أنه ليس له وارث ولا ذو رحم، فإن الأرض لا تكون لك ما دام البيع قد تم.
وكونك لا تعلم له وارثا كما ذكرت لا يعني أنه ليس له وارث, والذي يمكننا قوله الآن هو أنه إذا كنت سلمت للمشتري الأرض والمستندات التي تمكنه من تسجيل الأرض، فقد فعلت ما عليك، ولا تطالب بشيء، وسوف يتولى الورثة - إذا وجدوا - تسجيلها باسمهم طالما أنهم يملكون الأرض والمستندات.
وإذا لم تكن سلمت الأرض للمشتري، فإنك مطالب بالبحث عن الورثة وتسليمها لهم؛ إذ من المعلوم أنه يجب على البائع تسليم المبيع للمشتري, وتسليم المبيع يقصد به أن يخلي بين المبيع وبين المشتري على وجه يتمكن المشتري من قبضه بغير حائل .
وكذا إذا لم تسلمه المستندات التي تمكنه من تسجيل الأرض باسمه، فإنك تطالب بالبحث عن الورثة وتسليمها لهم؛ لأن عدم تسليمهم المستندات التي تمكنهم من تسجيل الأرض قد يكون حائلا دون انتفاعهم بها في هذا الزمن, فيلزمك البحث عنهم وتمكينهم من الأرض، فإن لم تجد وارثا له، فإن الأرض تأخذ حكم المال الذي جهل ربه, أي: لا يعرف صاحبه؛ وقد بينا الأصل العام في كل مال جهل مالكه وتعذر رده في الفتوى رقم: 77812 وهو أنه يتصدق به عن صاحبه. ولكن إذا كان في الدولة عندكم جهة تعنى بتسلم مثل هذا النوع من الأموال، أو كان القانون يوجب تسليمها للدولة، فينبغي تسليم تلك الأرض للجهات المختصة؛ لأنها أقدر على الوصول إلى ورثة صاحبها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في المال الذي جهل ربه:
الطريق الأول: أن يدفعه إلى الحاكم ـ أي: إلى القاضي ـ فيبرأ منه بلا نزاع، يعني لم ينازع أحد من العلماء في أنه إذا جهل ربه يعطيه الحاكم، والحاكم يتصرف فيه، وهذا لا شك أنه أسهل على الإنسان. لكن ـ أحيانا ـ لا يكون الحاكم ثقة، قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ: أما حكامنا هؤلاء فلا أرى أن يدفع إليهم شيئا، والإمام أحمد قد مات في القرن الثالث ومع ذلك يقول: حكامه لا يرى أن يدفع إليهم شيئا؛ لأنهم غير ثقات، فكيف بحكام هذا الوقت؟! فالثقة فيهم أندر من الكبريت الأحمر إلا أن يشاء الله، لكن على كل حال إذا كان الحاكم غير ثقة وخاف أنه إذا أعطاه إياه صرفه في جهة أخرى، أو أن الحاكم أبى، فالأول ـ يعني إذا كان غير ثقة ـ لا يجوز أن يعطيه إياه .... فإن لم يفعل يقول: تصدق به عنه يعني دفعه للفقراء، وهذا هو الطريق الثاني. اهــ
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 52128 عن مصرف تركة المسلم إذا لم يوجد له وارث.
والله تعالى أعلم.