السؤال
ما الفرق بين مجاهدة النفس ومجاهدة الهوى؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فلم نقف على نقل صريح عن أهل العلم في ذكر الفرق بين مجاهدة النفس وبين مجاهدة الهوى, والذي يظهر ـ والعلم عند الله ـ أن مدلولهما متحد أو أن كلا منهما يستلزم الآخر، فمجاهدة النفس تستلزم مجاهدة الهوى, ومجاهدة الهوى تستلزم مجاهدة النفس, ويمكن القول بأن مجاهدة النفس أعم حيث تشمل حمل النفس على أمرين:
أولهما: حملها على فعل الطاعات.
وثانيهما: حملها على اجتناب المحرمات والشهوات المحرمة، وكذا الإكثار من الشهوات المباحة, وهذا هو ما يسمى مجاهدة الهوى أي مخالفة ما تهواه النفس، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قال القشيري: أصل مجاهدة النفس فطمها عن المألوفات وحملها على غير هواها وللنفس صفتان: انهماك في الشهوات، وامتناع عن الطاعات، فالمجاهدة تقع بحسب ذلك، فجعلوا مجاهدة النفس شاملة للأمرين: فعل الطاعة والكف عن المعصية، بينما مجاهدة الهوى أخص حيث يقصد بها مخالفة هوى النفس ـ أي الشهوات المحرمة ـ فمجاهدة الهوى جزء من مجاهدة النفس, وقد قال عبد الله بن المبارك ـ رحمه الله تعالى: في تفسير قوله عز وجل { وجاهدوا في الله حق جهاده } قال: هو مجاهدة النفس والهوى. اهــ أي ومخالفة الهوى, وقال شيخ الإسلام: ولا ريب أن مجاهدة النفس مأمور بها وكذلك قهر الهوى والشهوة. اهــ, وعلى هذا فكل مخالفة للهوى هي من جهاد النفس, وليس كل جهاد للنفس فيه مخالفة للهوى، ومن هذا ما قال العلماء في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: المجاهد من جاهد نفسه ـ رواه الترمذي: قالوا: أي قهر نفسه الأمارة بالسوء على ما فيه رضا الله من فعل الطاعة وتجنب المعصية. اهــ.
والله أعلم.