السؤال
أنا فتاة في مرحلة الدراسة, وفي نظام دراستي أجتمع ببعض الفتيات مثلي في نفس مكان الدراسة طوال العام, وهذا العام اجتمعت ببعض الفتيات غير الملتزمات دينيا, فهن يستمعن إلى الغناء, ولا يلتزمن بالحجاب الشرعي, وما إلى ذلك, فهل يجوز لي الحديث والمزاح معهن, أم علي تجنبهن؟ فقد سمعت أنه يجب علينا إما أن ننكر المنكر, أو أن نبتعد عن أصحابه, علما أني فتاة ملتزمة - والحمد لله - واليوم الدراسي يكون طويلا ومملا, ولا أحد آخر معنا أختلط به, فأفتونا مأجورين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المرء أن يحرص على اختيار الصحبة الصالحة التي تقربه من الله، وتذكره إن غفل، وتعينه إن ذكر، كما قال صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمنا, ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواه أبو داود, وصححه ابن حبان، وقال صلى الله عليه وسلم: الرجل على دين خليله, فلينظر أحدكم من يخالل. أخرجه أبو داود والترمذي, وصحح إسناده النووي.
لكن لا يحرم عليك الحديث والمزاح مع الفتيات غير الملتزمات، ما دمت لا تخشين أن يؤثرن عليك بفساد في دينك وأخلاقك، واحتسبي في علاقتك معهن أن تدعيهن إلى الله، وتسعي في هدايتهن وإبعادهن عن تلك المنكرات.
وما ذكرته من قولك: (لأني سمعت أنه إما أن ننكر المنكر أو أن نبتعد عن أصحابه) هذا محله في حال وجود المنكر، أي: إن كنت في مكان فيه منكر - كالغناء, أو نحوه - فيجب عليك أن تغيري المنكر, أو تفارقي المكان, كما قال سبحانه: وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم {النساء:140}، فلم ينه الله عن القعود معهم مطلقا، بل النهي مقيد بحال خوضهم؛ لذا قال: فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره {النساء:140}.
قال السعدي: وكذلك يدخل فيه حضور مجالس المعاصي والفسوق التي يستهان فيها بأوامر الله ونواهيه، وتقتحم حدوده التي حدها لعباده, ومنتهى هذا النهي عن القعود معهم {حتى يخوضوا في حديث غيره} أي: غير الكفر بآيات الله والاستهزاء بها, {إنكم إذا} أي: إن قعدتم معهم في الحال المذكورة {مثلهم} لأنكم رضيتم بكفرهم واستهزائهم، والراضي بالمعصية كالفاعل لها، والحاصل أن من حضر مجلسا يعصى الله به، فإنه يتعين عليه الإنكار عليهم مع القدرة، أو القيام مع عدمها. اهـ.
وليس من معنى الآية أن كل من فعل منكرا يجب أن يهجر ويقاطع، ولا يصاحب, وراجعي لمزيد من الفائدة الفتاوى: 94566 151769 28848 106008 52576 68976.
والله أعلم.