السؤال
سبق أن وجهت إليكم رسالة أسألكم عن مسألة في الإرث لم أجد جوابا لها في محكم الكتاب العزيز, ووجهتمونا إلى دار الإفتاء, وأخبرتكم أنني كلما حاولت مراسلتهم أجد اعتذارا منهم بعدم استلام رسائل جديدة؛ لكثرة ما عندهم من رسائل تحتاج الرد, فيئست من إمكانية مراسلتهم, وبعد إخباركم جاءني الرد منكم أنه يمكنني إرسالها إليكم ثانية لترسلوها لهم من قبلكم, فألف شكر لكم, والرسالة تقول:
توفي شخص, وله زوجة وأبناء, وكان له أب لا يزال على قيد الحياة, فورثه أبوه وزوجته وأولاده, وأخذ الجد يعولهم عندما كان على قيد الحياة, ثم توفي الجد, ولم يبق لهم من معيل؛ لأن جدهم له أبناء آخرون - ذكور وإناث - أشقاء كلهم مع أخيهم المتوفى, ويقولون: إن أبناء أخينا لا يرثون شرعا؛ لأن أخانا – والدهم - توفي قبل أبينا, فما حكم الشرع في هذه المسألة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فاعلم - أخي السائل - أن الأحفاد – أبناء الابن وبنات الابن – لا يرثون جدهم - والد أبيهم - عند وجود عمهم, أي ابن ذلك الجد؛ لأن الابن يحجب ابن الابن وبنات الابن عن الميراث بالإجماع, جاء في الموسوعة الفقهية: أجمع الفقهاء على أن ابن الابن من العصبات وأنه يحجبه الابن الأعلى ... اهــ .
فالأحفاد الذين أشرت إليهم لا يرثون جدهم, ويحجبون عن الميراث بالابن حجب حرمان, وما دام والدهم قد توفي قبل أبيه فإن والدهم لا يرث أباه أيضا؛ لأن المتقدم موتا لا يرث المتأخر موتا؛ وبالتالي فليس لهم شيء من تركة جدهم, ولكن يستحب لأعمامهم وسائر ورثة الجد أن يعطوهم شيئا من التركة يطيبون به خاطرهم, ويجبرون به كسر قلوبهم, لا سيما إذا كانوا محتاجين, عملا بقول الله تعالى: وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا {النساء:9}, قال ابن كثير - رحمه الله تعالى - في معنى هذه الآية: إذا حضر هؤلاء الفقراء من القرابة الذين لا يرثون واليتامى والمساكين قسمة مال جزيل, فإن أنفسهم تتوق إلى شيء منه إذا رأوا هذا يأخذ, وهذا يأخذ, وهذا يأخذ, وهم يائسون لا شيء يعطون, فأمر الله تعالى - وهو الرءوف الرحيم - أن يرضخ لهم شيء من الوسط, يكون برا بهم, وصدقة عليهم, وإحسانا إليهم, وجبرا لكسرهم. اهــ .
والله تعالى أعلم.