لا يجوز حضور غناء يشتمل على شرك وموسيقى محرمة

0 304

السؤال

عندنا فتيات في المدرسة - أعمارهن 13 أو 14 سنة - سيقمن بالغناء في الحفلة القادمة, فهل غناؤهن حرام؟ وما حكم قولهن في الغناء: "يا سيدنا, أنجدنا وساعدنا " - يقصدون سيدنا عيسى عليه السلام -؟ وذلك لأن الأغنية الأصلية يغنيها أناس نصارى، كما أن الأغنية فيها موسيقى؟ وهل يجوز لي حضور تلك الحفلة؟ وهل يجب علي نصحهن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الدعاء بـ (يا سيدنا, أنجدنا وساعدنا) من الشرك الأكبر الذي أنزلت الكتب وبعثت الرسل بالنهي عنه، قال تعالى: وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون {الأنبياء:25}، قال سبحانه: ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون {المؤمنون:117}، وقال تعالى: ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين {يونس:106}، وقال تعالى: فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين {الشعراء:213}، وقال تعالى: ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون {القصص:88}، وقال تعالى: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا {الجن:18}.

قال ابن تيمية: أن يدعو غير الله, وهو ميت أو غائب, سواء كان من الأنبياء والصالحين أو غيرهم, فيقول: يا سيدي فلان, أغثني, أو أنا أستجير بك, أو أستغيث بك, أو انصرني على عدوي, ونحو ذلك فهذا هو الشرك بالله. اهـ .
وقال: فكل من غلا في نبي أو رجل صالح، وجعل فيه نوعا من الإلـهية، مثل أن يدعوه من دون الله، بأن يـقول: (يا سيدي فلان أغثني، أو أجرني، أو أنت حسبي، أو أنا في حسبك)؛ فكل هذا شرك وضلال، يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل، فإن الله أرسل الرسل ليعبد وحده، لا يـجعل معه إلـه آخر، والذين يجعلون مع الله آلهة أخرى، مثل: الملائكة أو المسيح أو العزير أو الصـالحين أو غيرهم؛ لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق وترزق، وإنما كانوا يدعونهم، يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فبعث الله الرسل تنهى أن يدعى أحد من دون الله، لا دعاء عبادة، ولا دعاء استغاثة .اهـ
وقال: فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم، ويتوكل عليهم، ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار، مثل أن يسألهم غفران الذنب، وهداية القلوب، وتفريج الكروب، وسد الفاقات؛ فهو كافر بإجماع المسلمين .اهـ
وقال المعلمي: يجب صرف العبادة بجميع أنواعها لله وحده لا شريك له؛ فمن صرف منها شيئا لغير الله؛ كمن دعا غير الله، أو ذبح أو نذر لغير الله، أو استعان أو استغاث بميت أو غائب أو بحي حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ فقد أشرك الشرك الأكبر، وأذنب الذنب الذي لا يغفر إلا بالتوبة، سواء صرف هذا النوع من العبادة لصنم أو لشجر أو لحجر أو لنبي من الأنبياء أو ولي من الأولياء حي أو ميت .اهـ

و الغناء - المشتمل على المعازف - محرم بإجماع العلماء، وسبق تفصيل ذلك وذكر أدلته في الفتوى: 5282.

فلا يجوز لك حضور هذا الحفل دون إنكار، قال تعالى: وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا {النساء:140}، قال القرطبي: فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره) أي: غير الكفر, (إنكم إذا مثلهم) فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم، والرضا بالكفر كفر، قال الله عز وجل: (إنكم إذا مثلهم), فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية .اهـ

ويجب عليك مناصحة أولئك ما استطعت، وأن تبيني لهن الخطر العظيم لهذا العمل، وما ينطوي عليه من المعصية والشرك بالله - عز وجل -.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة