استحباب تخيل المصلي أن الله أمامه، وضرورة الخوف من الله

0 295

السؤال

أنا أحاول الخشوع في صلاتي منذ أن ‏تبت، منذ 3 شهور تقريبا، وأنا ‏موسوس منذ تبت، فأحيانا أخشع ‏وأحيانا لا أخشع، بسبب الوسوسة طبعا.‏
وكلما أخشع أوسوس أنه ليس هذا ‏الخشوع الذي يخشعه الصالحون ‏وهكذا.‏
لكن منذ 10 أيام بدأت أخشع بالصلاة ‏وكأنما الله أمامي. ‏
وقراءة الفاتحة أخشع كأن الله خالق ‏الأرض ينظر في وجهي الآن. عندما أصل إلى: ( اهدنا الصراط ‏المستقيم وإلى آخره ) أشعر أن الله ‏أمامي، وأطلبها كالطلب بكل خشوع. ‏
وعند الركوع كأنما الله أمامي وأركع ‏له، وأن الله يراني وأمامي، وأتذكر ‏عظمة الله وأنا أقول سبحان ربي ‏العظيم.‏
وعند السجود أتذكر أنها سجدة ‏عظيمة وسجدة أهل السماء.‏
وعند التشهد أنظر أمامي وكأنما الله ‏أمامي وأخاطبه. ‏
عند قول: (اللهم صل على محمد .. ‏وإلى آخره ) وعند الاستعاذة أحصل ‏أكبر خشوع وفهم للمعاني، وكأن الله ‏أمامي، وأقول اللهم أعوذ بك من ‏النار، وأقول في نفسي إن الله الآن ‏ينظر إلي وسيعيذني من النار، وأنه ‏أرحم الراحمين. ‏
فأنا أصلي وكأني أخاطب الله أمامي. ‏
فهل هذا هو الخشوع المطلوب أو ‏لا يجوز أن أتخيل أن الله أمامي ؟
قرأت حديث الرسول ويقول فيه: اعبد ‏الله كأنك تراه إن لم تكن تره فإنه يراك.‏
ومن هنا بدأت صلواتي هكذا، وأيقنت ‏أن هذا هو الخشوع المطلوب والذي ‏تتضمنه هذه الآية: ( قد أفلح ‏المؤمنون الذين هم في صلاتهم ‏خاشعون )‏
وكلما ابتعد تفكيري في الخشوع ‏بسرعة أفكر وأقول في نفسي: إن رب ‏الأرض والسماوات أمامي، رب كل ‏شيء أمامي، وأرجع للخشوع.‏
اعذروني أطلت عليكم، ولكن أريد ‏إفادتكم هل هذا هو الخشوع أو هذه ‏صلوات محرمة؟ وأفيدوني ما هو ‏الخشوع الذي يتضمن الآية؟
وأيضا أنا لا أخاف من يوم القيامة ‏أبدا أبدا منذ أن تبت؛ لأنني أقول في ‏نفسي إنه بكل سهولة الله أرحم ‏الراحمين سيغفر لي، ولن يدخلني ‏النار. وأقول في نفسي عندما ينادى ‏اسمي فلان ابن فلان وأقابل ربي، ‏سيكون راضيا عني ولا يدخلني النار؛ ‏لأنني قرأت أن الله لا يحب أن يدخل ‏أحدا النار، فأقول في نفسي إنه مع ‏صلواتي "جماعة " والتزامي ‏من المستحيل أن يدخلني النار مع ‏رحمة الله وغفرانه.‏
فهل أيضا يجب علي، وكذلك يجب على ‏الشخص أن يخاف من القيامة ‏ويوم الحشر؟
اعذروني أطلت الكلام لكن هذه أسئلة ‏ستفيدني جدا والله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا تعريف الخشوع وحقيقته ومحله وثمرته في الفتوى رقم: 191721، وأيضا الفتوى رقم: 51741.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: الخشوع حضور القلب وسكون الأطراف، أي: أن يكون قلبك حاضرا مستحضرا ما يقول وما يفعل في صلاته، ومستحضرا أنه بين يدي الله عز وجل، وأنه يناجي ربه. اهــ .
وما تفعله من تخيل أن الله أمامك وأنه ينظر إليك، داخل في الخشوع، ولا حرج فيه، وقد كان الصحابة يفعلونه، ومن ذلك ما ورد عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنه كان في الطواف فجاءه عروة فخطب منه سودة بنت عمر، وكلمه في ذلك أثناء الطواف فسكت ابن عمر ولم يجبه، ثم لقيه بعدها فقال ابن عمر : كنت ذكرت لي سودة ونحن في الطواف، نتخايل الله بين أعيننا، وكنت قادرا أن تلقاني في غير ذلك الموطن .. اهــ.

فاستمر أيها السائل فيما أنت عليه، وأنت على خير إن شاء الله .
وأما ما ذكرته من عدم الخوف من عذاب الله والاتكال على رحمة الله، فإنه خطأ، فالله تعالى أمر عباده بالخوف منه سبحانه فقال: { ... وخافون إن كنتم مؤمنين } آل عمران : 175.

والخوف من الله عز وجل من أفضل مقامات الدين ومن أجلها, وقد وصف الله به في كتابه العزيز الملائكة والأنبياء والصالحين فقال: يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون {النحل: 50} , وقال: إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون {المؤمنون: 57}. وقال: الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا {الأحزاب: 39}.

فيجب عليك أن تخاف من الله تعالى, كما أن حسن الظن بالله تعالى مطلوب شرعا، ولكن لا بد أن يجمع معه العبد الخوف من الله, بل إن بعض العلماء فسر الخشوع في الصلاة بالخوف، فقد قال الحسن وقتادة في قوله تعالى: { الذين هم في صلاتهم خاشعون } قالا: خائفون.

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: خائفون، ساكنون.

 فيجب عليك أيها السائل أن تخاف من الله تعالى وعقابه، ولا تبالغ في الرجاء، فتخرج عن حد الاعتدال فيه.

والله تعالى أعلم
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات