توبة العاجز عن النطق بسبب إصابته وهو يحاول الانتحار

0 216

السؤال

عندي سؤال يراودني: ماذا لو حاول شخص مسلم أن ينتحر عن طريق القفز من مبنى مرتفع، ولكن محاولة الانتحار باءت بالفشل، ونتج إثر ذلك إصابة بالغة، وشلل، ولا يستطيع طلب المغفرة من الله والتوبة بسبب هذه الإصابة؟
هل يكون جزاؤه النار؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فما دام هذا الشخص سلمه الله من الموت، فإن الواجب عليه هو التوبة مما حصل، وليعلم أن باب التوبة مفتوح ما لم تصل الروح الحلقوم؛ لما في حديث الترمذي: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر.

والله تعالى تعهد بقبول التوبة ممن تاب صادقا مخلصا؛ قال تعالى: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى {طه:82}.

وقال: وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم  {الأنعام:54}.

 كما وعد الله سبحانه المستغفرين بالمغفرة فقال: فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا. {نوح:10}.
وقال الله في الحديث القدسي: يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم... رواه مسلم.

وإذا كان هذا الشخص لا يستطيع طلب المغفرة من الله والتوبة بسبب هذه الإصابة، بأن كان عاجزا عن النطق، فيكفيه طلب ذلك بقلبه، ولا يشترط في التوبة النطق بها، بل تحصل بالندم، كما في الحديث: الندم توبة. رواه أحمد وصححه الألباني.
فإذا علم الله تعالى منه صدق التوبة والندم على ما فات، فإنا نرجو أن يغفر له.

وإن كان لا يستطيع بسبب يأسه من قبول الله لتوبته، فإن هذه نزغة شيطانية يحتال بها على العبد حتى لا يتوب، وعلاج ذلك أن يعلم أن الله سبحانه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، وأن رحمته وسعت كل شيء. والتائب حبيب لله وإن تكرر منه الذنب، ما دام يتوب ويرجع ويندم، ويشعر بالتقصير؛ ففي الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال: أذنب عبد ذنبا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك. رواه مسلم.

وقال أنس بن مالك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني، ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة. رواه أحمد والترمذي وحسنه، وصححه الألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات