السؤال
هل عدم وجود شهود في عقد البيع يفسد العقد؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خلو عقد البيع عن الشهود لا يفسده، بل يكون عقد البيع صحيحا وتترتب عليه آثاره ولو لم يشهد عليه أحد، إذا وقع مستوفيا شروط الصحة وخلا من المفسدات، وذلك لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه أنه اشترى فرسا ولم يشهد، فقد روى أبو داود والنسائي في سننيهما: عن عمارة بن خزيمة أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من أعرابي، فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم ليقضيه ثمن فرسه، فأسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشي وأبطأ الأعرابي، فطفق رجال يعترضون الأعرابي، فيساومونه بالفرس ولا يشعرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاعه، فنادى الأعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن كنت مبتاعا هذا الفرس وإلا بعته؟ فقام النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع نداء الأعرابي، فقال: أو ليس قد ابتعته منك؟ فقال الأعرابي: لا، والله ما بعتكه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بلى، قد ابتعته منك، فطفق الأعرابي، يقول هلم شهيدا، فقال خزيمة بن ثابت: أنا أشهد أنك قد بايعته فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة فقال: بم تشهد؟ فقال: بتصديقك يا رسول الله، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين. والحديث صححه الألباني رحمه الله.
والحديث ظاهر في جواز البيع بغير إشهاد، قال الإمام الشافعي رحمه الله: لو كان الإشهاد حتما لم يبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ يعني الأعرابي ـ من غير حضور شهادة.
وأما الأمر بالإشهاد على البيع في قوله تعالى: وأشهدوا إذا تبايعتم {البقرة:282}.
فإنه ليس للوجوب، بل هو للإرشاد بإجماع الفقهاء، قال العلامة الجمل في حاشيته على فتح الوهاب شرح منهج الطلاب: وصرف الأمر في الآية عن الوجوب الإجماع، وهو أمر إرشاد، لا ثواب فيه إلا لمن قصد به الامتثال. اهـ.
ولمزيد بيان انظر الفتويين رقم: 14532، ورقم: 78457.
والله أعلم.