هل ما يحدث للإنسان من مواقف محرجة يعتبر بلاء سببه الذنوب

0 190

السؤال

تحدث لي مواقف محرجة كثيرا في الشارع، فهل هذا من ذنوبي أم ماذا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه المواقف المحرجة ما كان منها مكروها للنفس مؤذيا لها، فإنه يكون من جملة المصائب التي تصيب الإنسان بسبب ذنوبه قال تعالى: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير {الشورى:30}.

وجاء في تفسير القرءان للألوسي: والمصيبة تعم ما يصيب الإنسان من مكروه في نفس أو مال أو أهل قليلا كان المكروه أو كثيرا حتى لدغ الشوكة، ولسع البعوضة، وانقطاع الشسع، وانطفاء المصباح، وقد استرجع النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك وقال: كل ما يؤذي المؤمن فهو مصيبة له وأجر.

وأما ما كان مما أسميته المواقف المحرجة لا يصل إلى حد المصيبة، لكونه أمرا عاديا غير مؤذ ولا مكروه، فالله أعلم بسببه وبالحكمة منه، والواجب على العبد إذا حلت به المصائب هو الصبر وعدم الجزع والتشكي مع حسن التوكل على الله، وصدق اللجوء إليه والاستعانة به، وكثرة الدعاء مع التوبة وكثرة الاستغفار، ولزوم تقوى الله، فإنها جماع الخيرات والمخرج من الابتلاءات، كما قال عز وجل: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا {الطلاق: 2ـ3}.
ولا شك أن الذنوب والمعاصي من الأسباب المباشرة لنزول المصائب وحلول النقم، قال ابن القيم: وقد جعل الله سبحانه للحسنات والطاعات آثارا محبوبة لذيذة طيبة لذتها فوق لذة المعصية بأضعاف مضاعفة لا نسبة لها إليها، وجعل للسيئات والمعاصي آلاما وآثارا مكروهة وحزازات تربي على لذة تناولها بأضعاف مضاعفة، قال ابن عباس: إن للحسنة نورا في القلب، وضياء في الوجه، وقوة في البدن، وزيادة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سوادا في الوجه وظلمة في القلب ووهنا في البدن ونقصا في الرزق وبغضة في قلوب الخلق ـ وهذا يعرفه صاحب البصيرة ويشهده من نفسه ومن غيره، فما حصل للعبد حال مكروهة قط إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر، قال تعالى: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير {الشورى: 30} وقال لخيار خلقه وأصحاب نبيه: أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم {آل عمران: 165} وقال: ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك {النساء: 79} والمراد بالحسنة والسيئة هنا: النعم والمصائب التي تصيب العبد من الله، ولهذا قال: ما أصابك، ولم يقل: ما أصبت فكل نقص وبلاء وشر في الدنيا والآخرة، فسببه الذنوب ومخالفة أوامر الرب، فليس في العالم شر قط إلا الذنوب وموجباتها. انتهى.

وقال أيضا رحمه الله: ومن عقوبات الذنوب: أنها تزيل النعم، وتحل النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة ـ وقد قال تعالى: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير {سورة الشورى: 30} وقال تعالى: ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم {سورة الأنفال: 53} فأخبر الله تعالى أنه لا يغير نعمه التي أنعم بها على أحد حتى يكون هو الذي يغير ما بنفسه، فيغير طاعة الله بمعصيته، وشكره بكفره، وأسباب رضاه بأسباب سخطه، فإذا غير غير عليه، جزاء وفاقا، وما ربك بظلام للعبيد، فإن غير المعصية بالطاعة، غير الله عليه العقوبة بالعافية، والذل بالعز. انتهى.

وللفائدة يرجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 27585، 44779، 39151، 5249، 192991.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات