الخشوع في عبادة زاد للخشوع في عبادات بعدها

0 132

السؤال

سؤالي هو: هل إذا قام العبد بعبادة غير الفريضة، فحصل له خشوع كبير إلى درجة أنه أنهكه، وكأنه صرف كل خشوعه في تلك العبادة. فلما حان وقت الصلاة المكتوبة، وجد نفسه غير قادر على الخشوع فيها من شدة إنهاكه.
فهل هذا عذر أم كان عليه أن لا يفرط في الخشوع ويترك نصيبا للفريضة؟ وبماذا تنصحون من أصابه نوع من الانهيار العام بعد قيامه بعبادة خشع فيها كثيرا (انهيار نفسي وجسدي ).

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

  فليس الخشوع شيئا محدودا يقسم على العبادات أقساطا، بحيث إذا صرف العبد قسطا للنافلة لم يمكنه الخشوع في الفريضة، بل الخشوع حالة تعتري القلب من الذل والاستكانة، والانكسار لله سبحانه؛ وراجع لبيان معنى الخشوع ومحله، وثمراته الفتوى رقم: 191721.

  فليس تحصيل الخشوع في عبادة بمانع أبدا من تحصيله في أخرى، بل هو معين عليه؛ وذلك أن الحسنات تلد الحسنات، ومن ثم ذكر العلماء أن من حكمة تقديم النوافل بين يدي الفرائض: أن يتهيأ القلب للدخول إلى صلاة الفريضة بخشوع تام؛ لما حصل له من الإقبال على الآخرة، والانصراف عن الدنيا بالنافلة. فمن لم يحصل له الخشوع في عبادة، فليس سبب ذلك أنه خشع في عبادة قبلها، فليبحث عن السبب الحقيقي لعدم الخشوع، وليسع في علاجه، وليأخذ بأسباب تحصيل الخشوع من الفكر في صفات الرب تعالى، وتذكر الآخرة وما فيها من الأهوال العظام، وتدبر القرآن العزيز، وإحضار القلب عند تلاوته ونحو ذلك. ومن أصابه ما ذكرت من الانهيار النفسي بعد فعل عبادة ما، فليستعن بالله جل اسمه على دفع ما أصابه، وليجتهد في دعائه، وليقبل على ربه ذاكرا له مبتهلا إليه، عالما أن ما أصابه إنما هو من كيد الشيطان ليصده عن عبادة ربه تعالى، فليدرأ في نحره، وليلزم ذكر ربه تعالى؛ فإن الشأن كما قال الله سبحانه:  ألا بذكر الله تطمئن القلوب {الرعد:28}. وليجتهد في التوبة والاستغفار؛ فإن المصائب إنما تصيب العبد بذنوبه كما قال تعالى: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير {الشورى:30} .

رزقنا الله أجمعين قلوبا خاشعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات