علق الطلاق على شرط ففعلته زوجته ناسية فما الحكم وهل له التراجع عن الشرط

0 350

السؤال

تحية طيبة عطرة من لدن سميع عليم. بداية جزاكم الله تعالى خير الجزاء على هذا الموقع المتميز الذي يجد فيه الحائر ضالته. أما عن سؤالي فهو: زوجي قال عبارة:"بتكوني طالق بالثلاثة إذا فعلت..." وعلقه بشرط، مع العلم أن هذا الشرط يستحيل أن أقع به إلا عند غضب، أفقد معه إدراكي، وأنسى معه ذاك الشرط، أي ليس مخالفة لزوجي، أو معاندة لقوله، وقد وقع هذا الشرط مرة، وبعد إخباري لزوجي بذلك أبدى ندمه على ذلك الشرط وأراد أن ينقضه. فأرجو من سيادتكم أن تخبروني إن كان قد وقع الطلاق، مع العلم أني كنت حائضا عند وقوع الشرط، وإذا وقع الطلاق. فهل تحسب واحدة أم ثلاثا؟ وهل يحل لزوجي أن ينقض الشرط ويتراجع عنه؟ وما السبيل إلى ذلك جزاكم الله تعالى كل خير؟ مع العلم أن هذا الشرط قد يقع في أي لحظة غضب مني، لا أتذكر معه هذا الشرط، وقد يقوض حياة أسرة بأكملها في أي لحظة. جزاكم الله تعالى كل خير، وسدد خطاكم لخير هذه الأمة، وجعلكم ذخرا لها.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأكثر أهل العلم على أن الزوج إذا علق طلاق زوجته على شرط، فإنه لا يملك التراجع عنه. وإذا تحقق شرطه، طلقت زوجته، سواء قصد الزوج إيقاع الطلاق، أو قصد مجرد التهديد أو التأكيد، أو المنع. وأن الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثا، ويرى بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- أن الزوج إذا قصد إيقاع الطلاق عند حصول المعلق عليه، فله أن يتراجع عن التعليق ولا شيء عليه، وإذا لم يرجع حتى حصل المعلق عليه، وقعت طلقة واحدة ولو تلفظ بالثلاث، وإذا لم يقصد إيقاع الطلاق وإنما قصد بالتعليق التهديد، أو التأكيد، أو المنع، فلا يقع الطلاق بحصول المعلق عليه وإنما تلزمه كفارة يمين؛ وانظري الفتوى رقم: 161221.

ووقوع الشرط المعلق عليه الطلاق حال الحيض، يجعله طلاق بدعة، لكن لا يأثم به الزوج.

 قال ابن قدامة –رحمه الله- :  إذا قال: أنت طالق إذا قدم زيد. فقدم وهي حائض، طلقت للبدعة، ولم يأثم؛ لأنه لم يقصده. المغني لابن قدامة.

 والطلاق البدعي واقع عند أكثر أهل العلم؛ وانظري الفتوى رقم: 5584   ، ومذهب الجمهور في وقوع الطلاق المعلق عند حصول الحنث، ووقوع الطلاق في الحيض، واعتبار الثلاث بلفظ واحد، هو المفتى به عندنا.
لكن إذا كنت فعلت المعلق عليه ناسية، أو جاهلة، أو مكرهة، ففي وقوع الطلاق حينئذ خلاف.

  قال النووي الشافعي رحمه الله:  إذا علق الطلاق بفعل شيء، ففعله وهو مكره، أو ناس للتعليق، أو جاهل به، ففي وقوع الطلاق قولان.......... وإن كان المعلق بفعله عالما بالتعليق، وهو ممن يبالي بتعليقه، وقصد المعلق بالتعليق منعه، ففعله ناسيا أو مكرها، أو جاهلا، ففيه القولان.  روضة الطالبين وعمدة المفتين.

وقال أيضا:  فإذا وجد القول، أو الفعل المحلوف عليه على وجه الإكراه أو النسيان، أو الجهل سواء كان الحلف بالله تعالى أو بالطلاق. فهل يحنث؟ قولان: أظهرهما لا يحنث. روضة الطالبين.

وتراجع الفتوى رقم: 181785  ، ولا حرج عليكم إن أخذتم بهذا القول .

وننبه إلى أنه في حال القول بوقوع طلقة واحدة بهذا اليمين، فإنها تنحل بحصول المعلق عليه، ولا يتكرر الطلاق بفعل المعلق عليه، ما لم ينو الزوج تكرار الطلاق بتكرار الحنث؛ وانظري الفتويين: 136912، 121268 .

والأولى في مثل هذه المسائل أن تعرض على من تمكن مشافهته من أهل العلم الموثوقين.

 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة