السؤال
حدث خلاف بين زوجتي ووالدتي بسبب العمل المنزلي, وأردت أن أتدخل لأصلح بينهما, فاتصلت بوالدتي - وأنا أسكن الطابق الثاني, ووالدتي تسكن الطابق الأول - وعندما بدأت أتحدث عن الموضوع غضبت زوجتي؛ لأنني بذلك أعقد الأمور أكثر - من وجهة نظرها - فتركت الغرفة وهى باكية, وذهبت الغرفة الأخرى, فأخبرت أمي بذلك؛ ليحن قلبها عليها, وتعرف أنها غضبت لأجلها, وأن الموضوع خاص بينهما, فقالت لي أمي: إنها ذاهبة لتبتعد عنك لأنها في شهور الحمل الأولى - طبقا لتعليمات الطبيب – فغضبت, وحلفت لوالدتي في الجوال: "من أجل أن تصدقي, علي الطلاق بالثلاثة, أنها أول مرة تترك الغرفة, وتذهب للغرفة الأخرى لتنام فيها" وبعد ذلك تذكرت أنها ذهبت قبل ذلك, ولكن لم يكن بسبب مشكلة كهذه, ولا أتذكر إن كان ذلك بسبب خلاف بسيط أم دون سبب, فهل يقع الطلاق؟ مع العلم أنني لم يكن في نيتي الطلاق نهائيا, وأنني جامعتها أكثر من مرة بعد ذلك, ولكن لتصدقني والدتي, وأنا متزوج منذ شهرين, أفيدوني - أفادكم الله -.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمهور على أن الحلف بالطلاق - سواء أريد به الطلاق, أو التهديد, أو المنع, أو الحث, أو التأكيد - يقع به الطلاق عند وقوع الحنث, وأن الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثا، وهذا هو المفتى به عندنا, لكن بعض أهل العلم - كشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يرى أن حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق, وإنما يراد به التهديد, أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين, ولا يقع به طلاق، وعند قصد الطلاق يرى أن الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وانظر الفتوى رقم: 11592.
لكن ما دمت قد حلفت ظانا صدق نفسك, ولم تتعمد الكذب, فالراجح عندنا عدم وقوع الطلاق، ففي فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن باز – رحمه الله -: إذا طلق الإنسان على شيء يعتقد أنه فعله، فإن الطلاق لا يقع، فإذا قال: عليه الطلاق أنه أرسل كذا وكذا ظانا معتقدا أنه أرسله، ثم بان أنه ما أرسله، أو بان أنه ناقص، فالطلاق لا يقع في هذه الحال، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء، وهكذا لو قال: علي الطلاق إن رأيت زيدا, أو علي الطلاق إن زيدا قد قدم، أو مات, وهو يظن ويعتقد أنه مصيب، ثم بان له أنه غلطان، وأن هذا الذي قدم أو مات، ليس هو الرجل الذي أخبر عنه، فإن طلاقه لا يقع؛ لأنه في حكم اليمين اللاغية، يعني في حكم لغو اليمين، يعني ما تعمد الباطل، إنما قال ذلك ظنا منه.
لكن ينبغي عليك أن تجتنب الحلف بالطلاق, فقد ذهب بعض العلماء إلى تحريمه, وبعضهم إلى كراهته، وانظر الفتوى رقم: 138777.
والحلف المشروع إنما يكون بالله؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. رواه البخاري.
والله أعلم.